السؤال: ابني بلغ السابعة من عمره، ورغم التحاقه بالمدرسة إلا أنه يرتبط بي ارتباطًا شديدًا يزعجني، وإذا خرجت لقضاء مصالح أو مشاوير أو عمل فإنه يبقى منزعجًا إلى حين عودتي، علمًا بأن ذهابه للحضانة في السنوات السابقة كان فيه معاناة شديدة بالنسبة له ولنا؛ لأنه كان يُبقى نفسه منعزلًا عن الفصل ويهرب إلى النوم في الفصل حتى يعود فيلتصق بي ولا يريد أن يتركني، فهل هذا طبيعي، وكيف يتحقق استقلاله عني مثل كل الأطفال دون أن يحزن أو ينكسر؟
للأسف هذا الارتباط الشديد من الطفل تجاه أمه نتيجة أحادية المصدر التربوي، فقديمًا عندما كان الأبناء يتربون في الأسرة الممتدة كان الطفل يتمتع برعايات أخرى تساند الأم، فكان الجد والجدة والأعمام والعمات والأب الذي يملك وقتًا كافيًا للجلوس مع طفله أو اصطحابه معه إلى المسجد أو زيارة القارب أو الأصدقاء؛ أما الآن وفى ظل ظروف الأسرة الصغيرة وانشغال الأب طوال اليوم، لم يصبح للطفل إلا الأم التي يوجه إليها كل تعلقه بعد أن كان يوزعه على أكثر من جهةـ ويشعر الطفل بالخوف الشديد من الانفصال عن أمه ولو لفترة محدودة، مخافة ألا تعود أو أن يفقدها للأبد؛ وهنا يمكننا أن نُجمل أنواع التعلق إلى نوعين هما:
1- تعلق إيجابي:
ويمكن أن نطلق عليه (التعلق الآمن)، وهنا يكون الطفل متعلقًا بأمه كمصدر للأمن، ولكنه يجعلها كمنطقة انطلاق، ينطلق من خلالها لاستكشاف ما حوله، ثم يرجع الطفل إلى أمه (قاعدة الأمان) ليستمتع بحنانها والشعور بالأمان معها.
2- التعلق السلبي:
وهو (التعلق المقاوم) وفيه يكون الطفل متعلقًا بأمه بشدة نتيجة لما سبق من تصرفات سلبية للأم، ويُبدي مقاومة للشخص أو الموقف الذي يريد أن ينتزعه من حضن أمه، وبذلك يفشل في استكشاف المحيط الذي يحيط به.
والحل هو أن تعبري عن حبك وحنانك باللمس والعناق والتقبيل والتربيت وبالكلمات أيضًا؛ كي يشعر الطفل بالأمان والطمأنينة، ثم حاولي أن تُعَوِّدِي طفلك على تحمل المسؤولية حسب تدرجه في النمو، ليتعلم الاستقلالية والاعتماد على النفس، وحددي قواعد ثابتة وواضحة، ونظمي أوقات النوم والأكل واللعب وعمل الواجبات المدرسية، وأيضًا نظمي أوقات غيابك وحضورك. كي يعي الطفل أن غياب أمه يتبعه دائمًا حضورها، وحضورها يكون إيجابيًا، وحذاري أن تخرجي من البيت متخفية، بل عليك أن تخبريه بصدق وببساطة إلى أين ستذهبين والوقت الذي ستقضينه في الخارج، حتى يتسم بالهدوء والأمان، وقُصِّي عليه قبل النوم قصصًا هادفة عن أطفال تعلقهم بأمهاتهم طبيعي، أي يتفهمون سبب غياب أمهم المؤقت ويتقبلونه لأنهم يتوقعون حضورها بعد فترة قصيرة، وأيضا دَرِّبِيه على الانشغال بأنشطة محببة له كالرسم والتلوين؛ كي يلتهى بها عند خروجك من البيت.
ولا تتركيه لفترات طويلة في مدرسة الحضانة عند التحاقه بها، بل يجب أن تزداد فترة مكوثه في المدرسة تدريجيًا كي يعتاد عليها. وأيضًا عليك التحلي بالحزم مع الحنان دون أن تلبي رغبة الطفل في البقاء معه في المدرسة.
كما يجب إشراك الطفل في اللعب مع من هم في مثل سنه، في خلال الزيارات العائلية أو نحوه من التجمعات، وفي البداية اشتركي معه في اللعب ثم اتركيه ينطلق ويتفاعل من هم في سنه، كما يمكنكم أيضا استقبال الأطفال الصغار بمفردهم في المنزل للعب مع طفلكم، وبذلك يلاحظ أنهم أتوا للعب بدون أمهاتهم.