الاستشارات

الاستشارات تقديم نصائح متخصصة لحل المشكلات وتحقيق الأهداف بكفاءة.

كيف ندعم الفتيات المغتصبات من ضحايا الحروب والنزاعات؟
الإستشارة

 

أعمل في مجال إغاثة اللاجئين ويقابلني حالات فتيات تم اغتصابهن من قبل الجنود المعتدين وتكون تلك الفتيات في حالة نفسية سيئة ويظهر عليهن حالة من الضياع واليأس والخوف من المجتمع واليأس من المستقبل.. وأريد ان أعرف الطريقة المثلى للتعامل معهن وطريقة مساعدتهن وإعادة تأهيلهن كمقدمة لدمجهن في المجتمع ثانية.

 

الإجابــة

 

المغتصبات في الحرب هن جزء من معاناتنا مع أي عدوان غير أخلاقي وخسيس من قِبَلِ أناس همجيون لا يتمتعون بأي أخلاق أو دين أو إنسانية، ويتخذون الاغتصاب وسيلة من وسائل تدمير معنويات خصمهم وإدخال الإحساس بالعار والنقيصة إلى نفسه لإضعافه وتدمير معنوياته، إذ أن ألم الاغتصاب لا يشمل المغتصبة فقط ولكن يمتد ليشمل أهلها وطائفتها ومواطنيها الذين يصيبهم جميعًا الإحساس بالانكسار والعجز وعدم القدرة على حماية بناتهن ونسائهن وأطفالهن.

أما بالنسبة للمغتصبة فإننا حين نراها بعد الجريمة مباشرة تكون في حالة من التشويش ربما لا تستطيع التحدث بشكل منتظم، وإنما يصدر عنها كلمات متقطعة أو مبهمة، وحين تستعيد هدوءها بعض الشيء يساورها شعور بالخجل والعار والإهانة والقلق، وأحيانا تنفجر غاضبة ثم تهدأ وأحيانا تدخل في نوبات من البكاء، وربما تحاول الانتحار، نتيجة لهذه الاضطرابات الانفعالية العديدة تكون المريضة في حالة إعياء شديد، وأرق وفقد الشهية للطعام، وعدم التركيز، وعلى المدى الطويل قد تصاب المغتصبة بما يسمى «كرب ما بعد الصدمة» حيث تتكون لديها ذاكرة مرضية للحدث تؤثر في حياتها النفسية، حيث تعاودها صورة الحدث في أحلام اليقظة وفي أحلام النوم بشكل متكرر ومُلِح، وقد يكون من تداعيات هذه الحالة ومضاعفاتها نوع من الاكتئاب المتوسط أو الشديد مصحوبًا بأعراض قلق ووساوس «خاصة وساوس النظافة والطهارة»، وهذا قد يعوق المريضة عن ممارسة حياتها بشكل طبيعي.

وفى الخطوات الأولى للرعاية يجب إشعارها بالأمان وإحاطتها بكل وسائل الرعاية الصحية والنفسية، وتجنب لومها أو تأنيبها أو الضغط عليها بأي شكل من الأشكال، وعلى المعالجة- أو المعالج- أن تكون داعمة وإيجابية نحو الضحية وأن تتجنب الموقف القيمي تجاهها، وأن تتاح للضحية فرص الاتصال بذويها في أقرب وقت ومن الأفضل أن يكونوا بجوارها ليبعثوا الطمأنينة والإحساس بالأمان في نفسها، وهم أنفسهم يجب أن يكونوا محل رعاية واهتمام من جانب فريق الرعاية الطبية والنفسية.

ويجب أن تقدم للفتاة رعاية لاحقة بعد تجاوزها للمرحلة الحادة في الأزمة، وتستمر لمدة عام كامل على الأقل، ويستحسن أن تكون محل الرعاية النفسية والاجتماعية والدينية من قِبل فريق متعدد التخصصات يحتوي على طبيبة نفسية واختصاصية نفسية واختصاصية اجتماعية، ومرشد ديني، ويتلخص هدف الفريق في علاج حالة «كرب ما بعد الصدمة» ومساعدة المغتصبة على العودة لممارسة حياتها الطبيعية بعد التئام جراحها النفسية.

والعلاج الديني له أهمية خاصة في مثل هذه الحالات، وقد يكون علاجًا منفصلًا يقوم به معالج نفسي- أو معالجة- له خلفية دينية جيدة، أو يقوم به واعظٌ دينيّ- أو واعظة- لديه خبرة بالأمور النفسية، أو قد يكون جزءًا من علاج معرفي سلوكي يساعد المغتصبة على تقبل الحدث كابتلاء وضرورة الصبر عليه والشعور بمساندة الله ومعيته.

 

​​​​​​​

لديك سؤال تحتاج الي إجابة عليه ؟
يرجى إدخال الاسم الكامل
يرجى إدخال بريد إلكتروني صالح
يرجى إدخال عنوان الرسالة
يرجى إدخال الرسالة
يرجى التحقق من أنك لست روبوت