الاستشارات

الاستشارات تقديم نصائح متخصصة لحل المشكلات وتحقيق الأهداف بكفاءة.

ابنتي رسمت خنزيرا !!
الإستشارة

 

حنان عطية

لم أستطع أن أتمالك أعصابى حين أتت ابنتى الصغيرة لتريني رسمتها وهى سعيدة.. وعندما رأيت ما رسمت لم أستطع تمالك أعصابي.. وسألتها وأنا غاضبة.. هل رسمت خنزيرا؟!! وكيف عرفتِ شكله بكل هذه التفاصيل الدقيقة ؟!! فهذا الحيوان ليس موجودا بأي من تفاصيله تلك في ثقافتنا أو أحاديثنا أو الألعاب التي نشتريها لكم، وليس أيضا في الكتب التي نشتريها لكم باختيار دقيق ؟! من اين إذن قد أتيت بكل تلك التفاصيل عنه؟!

بدت ابنتى خائفة ولم تجبنى.. تدخل أخوها الذي يكبرها وقال لى إنها تعرفه من الكرتون.. وقال ابني البالغ السابعة من عمره أن الخنزير في الكرتون ليس قذرا ولا نجسا بل  شخصية حيوانية جميله وحكيمة.. أبنائي لم يصدقوا ما نقوله وصدقوا الكارتون وقلبه للحقائق !!

الإجابــة

لكن لنكن واقعيين.. هل أخطأ صانع الكارتون حقا أم نحن المخطئون؟ هل كان متطفلا ففرض نفسه علينا وعلى أولادنا أم نحن من جلبناه؟ وإذا كانت تلك صناعته يقدمه لأولادنا فأين صناعتنا؟ وبصرف النظر سواء كان قاصدا الإفساد أم لا، ما الذى ألجأنا إليه لنرمي له فلذات أكبادنا يشكل عقولهم ونفسياتهم ويحدد لهم فى اللاوعي ماذا يحبون وماذا يتقبلون مهما كان شاذا أو مرفوضا فطريا؟!

فى الحقيقة إن صانع الكارتون ليس في ثقافته ما يرفض الخنزير بل العكس هو جزء من عقيدته وبالتالي هو لم يجرم فى حق أطفاله الذى ينتمون لنفس الثقافة حين صنع لهم هذا الكارتون، ولكن المشكلة أننا نسمح لأنفسنا أن نترك أولادنا ليتشربوا ثقافة متعارضة تدخل في نسيج تفكيرهم وأحاسيسهم.. فابنتى رسمت ما أحبت وليس شرطا أن تكون اقتنعت فقد قدم الكارتون الخنزير بصور متكررة وملحة في صورة الحيوان الطيب أو الحكيم أو الفكاهى ولم يقدمه مرة في صورة سلبية.

في الحقيقة نحن لم نستسهل فقط حينا سلمنا أولادنا لأصحاب الأفكار والقيم الشاذة لكى يتربون على أيديهم ويستقون أفكارهم ويحبون رموزهم، وإنما استسهلنا أيضا حين جعلنا احتكار تلك الصناعة لمن هم مختلفون معنا ثقافيا واجتماعيا وحضاريا ودينيا، وكان هذا ليس لقلة مال وإنما ربما لمجرد الاستسهال.. فلماذ نتعب أنفسنا في مشوار القصة والسيناريو والإنتاج والتسويق الشاق؟! ولماذا نرهق أنفسنا بالتحديات الحضارية والثقافية وكلام كثير من هذا القبيل؟!

فى الحقيقة علينا أن نعترف أننا لم نبذل الجهد الكافى والمخلص فى هذا المجال، وحتى الإسلاميين لم يقدموا إلا القليل، الذى لا يشكل قطرة فى بحر الإنتاج العالمي كمًّا وكيفًا، فمن حيث الجودة فيعيبها المباشرة وقلة الخيال وضعف التشويق وضحالة الفكرة والاتجاه إلى تقديم القيمة بطريقة مباشرة خطابية تلقينية منفرة تماما مثل أسلوب التلقين فى نظامنا التعليمى العقيم!

 

لديك سؤال تحتاج الي إجابة عليه ؟
يرجى إدخال الاسم الكامل
يرجى إدخال بريد إلكتروني صالح
يرجى إدخال عنوان الرسالة
يرجى إدخال الرسالة
يرجى التحقق من أنك لست روبوت