وُكل إليّ أمر إدارة حلقة تربوية.. لكنى لاحظت وجود تفاوت عمري كبير بين أفراد الحلقة.. فهناك من هو في الخمسين ومن هو في العشرين.. المشكلة أن صغار السن متململين من وجودهم في حاضنه واحدة مع من هم أكبر منهم سنا.. وهناك حالة من التبرم وعدم الرضى الذي يصل إلى حد التلفظ بكلمات تنتقص من الكبار.. فهل الفصل بين الأجيال ضرورة تربوية، نظرا لاختلاف التفكير بين الأجيال؟ أم أن التنوع مطلوب لإحداث التقاء بين الأجيال؟حاجة اليها لردم الهوة المتسعة بينهم.
في الحقيقة، إن التطور التكنولوجي ووجود الشباب في قلبه أحدث تطورا رهيبا في كمية المعلومات التي ظفر بها الشباب، مما خلق شيئا من الاستغناء عن تجارب من هم أكبر منهم، بل والوصول إلى حالة من الإحساس بالتميز عن الأجيال التي تسبقه، وهذا يحرم هذا الجيل الشاب من خبرة التجارب العملية التي خاضها من سبقوهم، فليس كل العلم مكتوب، ولكن هناك كثير من العلم الحقيقي نابع من التجربة تختزنه النفوس والعقول؟
لقد كان الصحابة يجلسون في حلقة العلم حول رسول الله يعلمهم ويربيهم وفيهم الشيخ والشاب والفتي والطفل.. وكما روي أن الرسول صلى الله عليه وسلم سأل عن شجرة كل ما فيها مفيد، ولم يعرف الصحابة الإجابة فاضطر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجيب، وعندما خرج عمر ابن الخطاب ومعه ابنه عبد الله وهو فتى صغير أخبره أنه كان يعرف الإجابة، فسأله عمر: ولماذا لم تجب ؟! قال الفتي استحييت أن أتكلم وفى المجلس فلان وفلان من كبار الصحابة.
قال له عمر: لو كنت قلتها لكان خير لي من حمر النعم!
وكذلك الاتجاه الحديث في التربية هو دمج ذوي الظروف الخاصة مع التلاميذ العاديين، إذ لوحظ أن الدمج يحقق نتائج مذهلة في تطوير قدرات ذوي الاحتياجات الخاصة، وهذا لا يعني أن هناك طرفا أفضل من طرف!
والجلسة التربوية ليست مدرسة ذات منهج مصمم ليكون مناسبا لمرحلة عمرية محددة بحيث لا يجوز الاستثناء فيها، وبالتالي ليس لازما موضوع التقارب العمرى لأفراد المجموعة، فالتربية ليس فيها كبير أو صغير، إضافة كما سبق وقلنا أن التمازج ينقل الخبرات ويوجد حلقة تواصل بين الأجيال نحن بحاجة اليها لردم الهوة المتسعة بينهم.