الاستشارات

الاستشارات تقديم نصائح متخصصة لحل المشكلات وتحقيق الأهداف بكفاءة.

كيف أربي أولادي في مجتمع الفساد بمختلف أركانه؟!
الإستشارة

 

كنا نعيش فى إحدى الدول العربية ورجعنا إلى بلدنا مؤخرا، وأولادنا فى مراحل التعليم ما قبل الجامعي.. وفى الحقيقة كنا فى مجتمع معقم.. حيث أن أولادنا لم يروا سلوكيات سيئة كثيرة عدا قليلا.. كالإسراف والتفاخر والتباهي.. وما عدا ذلك فقد كانت الأمور تسير على ما يرام.

الآن عدنا إلى بلادنا وأدخلنا الأولاد إحدى المدارس المسماة بالدولية.. وإداريا النظام التعليمى فى هذه المدارس فوق الممتاز.. ولكن سلوكيات الإسراف والتباهي كانت أكثر استفزازا من تلك التى كنا نعاني منها فى الدول الأخرى التى كنا بها.. ليس هذا فحسب ولكن انتشار الثقافة الغربية بشكل مخيف من حيث الصداقة بين الجنسين بلا حدود وبمباركة الأسر والمعلمين.. حفلات مختلطة فى أماكن بعيدة وغريبة، رحلات مختلطة فى مناطق بعيدة وربما بلدان بعيدة.. إضافة إلى تعاطي المخدرات والمسكرات!

قمنا بنقلهم إلى مدارس خاصة لكن فى إطار ما يسمونه بالطبقة المتوسطة فكانت السلوكيات أسوأ من سابقتيها.. ألفاظ نابية وشتائم لا تحتملها الأذن.. ومخدرات ومعاكسات بنات وربما تحرشات.. وسرقات وكذب ومؤامرات وغياب تام للأخلاق. فاضطررنا إلى الرجوع ثانية إلى المدارس الدولية إذ شعرنا أن نارها أهدأ من نيران الثانية.

  نحن الآن نتساءل.. كيف تكون التربية في مجتمع عنوان كل شيء فيه الفساد؟ أم أنه مكتوب علينا أن نهرب بأولادنا إلى الدول الأخرى وإن كان هذا ليس بالأمر السهل بعد أن رتبنا حياتنا فى بلدنا.

 

الإجابــة

 

فى الحقيقة إن تربية الأبناء فى هذا الزمن وفى بلادنا على الحال الذى عليه حيث تتردى الأخلاق يوما بعد يوم حتى أصبح الفساد واللاخُلُق عنوان كل شيء، متلبسين في ذلك بمبادئ بلاد الغرب حيث لم تجلب لها السعادة بل على العكس حققت انهيارات أخلاقية واجتماعية وسلوكية ونفسية تهدد بفنائها.

ولم تكن التربية فى بلادنا  يوما ما عملية سهلة خاصة فى البلاد التى جاهرت باعتناق المبادئ العلمانية وإعلائها على المبادئ الإسلامية، حيث أصبحت العلمانية فوق الدين وفوق القيم وفوق موروثات المجتمع، وهنا كانت الإشكالية الكبرى حيث أن التربية هنا تزداد صعوبة حيث تكون أشبه بحالة من صد الهجمات أكثر من بناء اللبنات.. فأنتم دائما في حالة صد للهجمات وتصحيح المغلوطات!

القضية أن خطة الدفاع فى الغالب لا تحقق ثمارا كثيرا، حيث أننا نظل مشغولون فى معظم الأحيان بالاحتفاظ بالتواجد فى منطقة الأمان دون إحراز أهداف أو تقدم ما.

ومهما كانت الحلول التى سوف نتحدث عنها فإنها لن تحقق الهدف الأسمى الذي نرجوه من التربية التي ينبغي أن تعكف عليها كل مؤسسات المجتمع وتتوحد عليه، إذ غاية ما سنتفق عليه هو الإبقاء على قدر من الاختلاط الحذر مع المجتمع من خلال اختيار بعض البيوت والأفراد التى تحتفظ بتقديرها للقيم والمبادئ العليا المتعارف عليها، وعمل نشاطات معها ومع أبنائها والخروج فى رحلات ومصاحبتها إلى النوادي.. مما يؤمن بيئة كافية للأبناء تغنيهم عن البيئات المعاكسة قيميًّا، على أن نعمل باستمرار على توسيع الدائرة وضم أسر جديدة كنوع من التوسع والانتشار المقاوم لتيار التحلل الذي يستشرى فى المجتمع.

أما بالنسبة للمدارس فالأرجح كما بادرتم وقلتم أن عيوب النوع الأول أقل من النوع الثاني حيث أنه بإمكانكم إلى حد ما وضع أسس وضوابط للخروج واختيار الأصدقاء ورفض القيم والسلوكيات الغريبة عن قيمنا الإسلامية وبيئتنا العربية.

أما بالنسبة لمقترح العودة إلى الدول الأخرى فإنني لا أحبذ هذا الخيار..  فتربية الأبناء فى الوطن تعطيهم معاني لا تعطيها الغربة كمعاني الاستقرار والثقة بالنفس.. وتختصر اتجاهه نحو المستقبل بشكل إيجابي أكثر من وضع الاغتراب حيث يعيش في الغربة بلا حقوق ولا صوت ولا قرار ولا إرادة كاملة ولا تصور واضح عن المستقبل.

لديك سؤال تحتاج الي إجابة عليه ؟
يرجى إدخال الاسم الكامل
يرجى إدخال بريد إلكتروني صالح
يرجى إدخال عنوان الرسالة
يرجى إدخال الرسالة
يرجى التحقق من أنك لست روبوت