مشكلتي تتلخص في كلمة ونصف، و هي أن أمي الغالية العزيزة تحبني كثيرا لدرجة أنني أتضايق أحيانا من هذا الحب؛ لأن هذا الحب ليس حبًّا طبيعيا إنما هو حب فوق العادة.
فوالدتي الحبيبة تخاف عليَّ من الهواء حتى لا يجرح خدي، و من الماء البارد مخافة أن يؤذي حلقي. ولدرجة أنها تثنيني عن موضوع الزواج و لا تتحمس له، ولا تتشجع إن طلبت منها السعي معي في طلب الزواج من هذه أو تلك، حتى اكتشفت أخيرا أنها من فرط تعلقها بي لا تريدني أن أتزوج؛ حتى لا تخطفني منها من قدر الله أن أتزوجها، وأنا يا سيدي موظف في وظيفة راقية، تدرُّ عليَّ دخلًا طيبا يكفي لحياة زوجية كريمة، وأصدقائي من حولي تزوجوا، والفتن تحيط بي من كل جانب، لكن هذا حال أمي! فماذا أفعل؟ هل أظل بجوارها حتى يمر قطار العمر أم أتزوج ولو بغير رضاها، علما بأن لي أشقاء آخرين لكنها متعلقه بي أنا بالذات؟
مساكين هؤلاء الوالدين.. أمهات كنَّ أم آباء، عندما يظنون أن الأبناء عندما يتزوجون سيهدم الزواج كل حب علق في قلوبهم، وتمكن منها نحو آبائهم وأمهاتهم،
فيلجأ بعضهم لمحاوله الإبقاء على الأبناء حتى ولو بتأخير حياتهم الطبيعية كما حدث معك، أو بالانتقام من الزوجة المسكينة التي أخذتك منهم حسب زعمهم، أو بزيادة الدلال والشكوى بسبب وبدون سبب؛ بغية استقطاب العاطفة ومضاعفتها نحوهم، وليتهم يعلمون أن أسلم الطرق لاستمالة القلوب هو تركها على سجيتها، وهي حتمًا سترتب قائمة المحبوبين بفطرتها وعلى رأسها الأبوان الكريمان، ليتهم يفهمون ذلك.
أما عنك فتوكل على الله، ولا تتأخر أكثر من ذلك، واطرق أبواب من ترغب في الزواج منها ولا تحمل لأمك همًّا، فعلاج مشكلتها هو قطع الطريق عليها بسنة الحياة التي لا فكاك منها وهي الزواج، وهي عندما ترى أن الأمر هذه المرة أصبح بلا رجعة أو ضعف منك ستقبله أولا على كره ثم على حب، بعدما تتأكد من خلالك أن الزوجة التي كانت تخافها عليك لم تؤثر على حبك لها، وأحسبك كذلك بإذن الله وألف مبارك مقدمًا.