أنا فتاه أقترب من العشرين من أسرة محافظة وملتزمة بفضل الله، وقد طبعت جميع أبنائها بطابع الالتزام والحمدلله.
غير أني وعن طريق صديقة لي تعرفت على شباب بدا لي أول الأمر أنه على خلق ودين، وكانت علاقتي به في البدايه لا تتعدى الهاتف والرؤية من بعيد، ثم تطورت بعد ذلك إلى أن وصلت لمرسلات ومقابلات، ولم تخل من بعض الهفوات التي أسأل الله عز وجل أن يغفرها لي، فهي وإن كانت مما لا يصح فعله إلا أن الله عز وجل عصمني من أشياء لو حدثت لكان ما كان من الضياع والعصيان لكن الله سلم.
ثم وجدتني بحمد الله أفيق مما أنا فيه فجأة، وأتعجب مما أقدمت على فعله رغم أنه لا خلقي ولا تربيتي كانا يسمحان لي بذلك، ولكن أحمد الله عز وجل أن نجاني من هذا الطريق وحفظني من نفسي ومن الشيطان قبل أن أصل إلى نهايته الموحشه والمظلمه.
غير أن ذلك الشاب ما يزال يطاردني بعد أن انصرفت كلية عنه، ويلاحقني بالهاتف تارة وبالتتبع تارة أخرى، ولما لم يجد مني وجهاً بدأ يهددني بما عنده من رسائل ومكالمات...الخ، وأنا أخاف أن يتصرف فيها تصرفاً يسئ إليّ وإلى أهلي، أو أن يخبر أهلي بما حدث فيكون ما لا أستطيع تخيله من ردة الفعل التي سيعاملني أهلي بها، خاصة وأنهم لا يتوقعون مني مثل ذلك أبداً.
إنني الآن خائفة جداً والتسامح عندي بدأ يهتز ويضعف، فماذا أفعل؟
أحمد الله عز وجل على عودتك من منتصف هذا الطريق الذي لو وصلت لا قدر الله إلى نهايته لكان ما ذكرت من الضياع الذي لا يعلم مآله إلا الله عز وجل.
ولعل رسالتك هذه تكون عظة وعبرة للفتيات اللاتي يسرن في نفس الطريق مغمضات العيون ماشيات وراء سحر الكل حتي يقعن في حفر الضياع إن لم تدركهن عناية الله عز وجل.
أما عنك يا أختي العزيزة، فإياك ثم إياك أن تستسلمي لمثل هذا الذئب الذي أظهر عين دناءة خلقه، وكشر عن أنيابه القذرة محاولاً أن يسقطك في براثنه مرة أخرى، وهيهات.
والمطلوب منك الآن أن تصارحي أحد أقاربك من المعروفين برجاحة عقلهم وحسن تصرفهم بما حدث، حتي يتعامل مع هذا الشاب التافه بوضوح شديد، بحيث يبدأ معه بتذكيره بأمر العرض والشرف الذي لا يرضاه لأخواته وقريباته، ويطلب منه طي هذه الصفحة وإنهاء هذه القضية، فإن استجاب وإلا كانت اللهجة أشد من سابقتها. المهم ألا تتعاملي معه وجهاً لوجه حتى لا تضعفين أمام تهديداته فيصيبك من نذالته وخسته ما يصيبك، ومثل هذا الذي يخيفك ببعض ما عنده لو تمكن من أشياء أكبر لكبرت معها دناءته، فاحذريه ولا تستسلمي.
أما إن وجدت منه إصراراً على تنفيذ تهديد ما لم تستجيبي له، فسارعي بمصارحة أهلك ولا تخافي من ردة فعلهم، فهم في النهاية لن يتخلوا عنك وإن عنفوك، ثم إن المتاعب المتوقعة من معرفة الأهل أهون ألف مرة من المتاعب المتوقعة من أمثال هؤلاء الشياطين من الشباب.
وصدقيني أنه قد يبدو هاجس معرفة الأهل مرعباً، لكن بعد أن ترمي نفسك في أحضانهم وتخبريهم بما تعانينه ستشعرين بالأمان مهما كان تعاملهم مع الحدث، وإن كنت وثقاً أنهم سيقدرون ما تعانينه من خوف، ولن يزيدوا عليك آلامك، ثم تعلمي من هذا الدرس ولاتجعليه يمضي ويمر عليك مرور الكرام دون أن تأخذي منه العظة والعبرة.