جاءني خطاب التوظيف الذي كنت أنتظره شأني شأن كل شاب يريد أن يكون له مستقبلا ماديا وموظفا ذا عمل وراتب مثل بقية من توظف من أقراني، لأبدأ صفحة جديدة من صفحات حياتي التي تجري جرياً سريعاً.
وكانت الوظيفه والحمدلله غاية في الاحترام والتقدير فقد كانت في وزارة يتمني العمل فيها كل شاب له علاقة بتخصصي. لكن المشكلة أنها جاءت وسط زميلات كلهن نساء، ونساء فقط وأنا الرجل الوحيد بينهن!
ولك أن تتخيل وضعي الوظيفي فأنا طوال اليوم لا ألتف يمنة ولا يسرة إلا وجدت زميلة جالسة أو متحدثة أو ضاحكة ناهيك عن تعاملاتنا اليومية مما له علاقة بطبيعة العمل، وطبعا فيهن المتزوجة وغير المتزوجة.
والأشد من ذلك أنني ضعيف جداً أمام النساء فأنا-قبل هذه الوظيفه-كنت من أشد الناس خوفاً علي نفسي من فتنتهن، وأنت تعرف أن الحياة اليومية للموظف لابد لها من بعض التبسط التدريجي في الكلام والطعام والشرب وغير ذلك من الأمور التي تكاد تكون عادية بمرور الوقت.
الحمد لله أنهن جميعاً علي مستوى عال من الخلق والأدب وهن جميعاً يعتبرنني أخاً لهن ولا أشعر من إحداهن بأي تعامل مريب معي، لكنني أخاف علي نفسي الفتنة، وقد حاولت الانتقال إلي مكان آخر فلم أوفق، والآن أنا أعمل بينهن وإلا فالاستقاله هي الحل. فماذا تري؟
أقدر لك يا عزيزي هذا الخوف المريع لكونك شاب عزب أولاً، ولكونك فعلاً محاط بك من كل اتجاه، فأين تذهب يا مسكين؟وليس منهن مهرب!
إن العمل يا صديقي مع النساء يبدو أنه أصبح في هذا الزمان مما لا فكاك منه أوعلي حسب تعبير الأصوليين مما عمت به البلوي!
وهذا ليس معناه أنهن بلوى -معاذ الله- إنما أقصد أنه أصبح أمراً شبه طبيعي في جميع المصالح الحكومية وهذا يجعل لكثير من الموظفات كذلك في حرج وليس فقط الموظفين.
والحل عندي يا صديقي يتمثل في نقاط ثلاث أرجو تنفيذها:
الأولى: أن تشعر نفسك بالاستعلاء علي كل خاطر سئ أو تفكير خاطئ وأن تستبدله بشعور صادق أنك حقاً تعيش مع شقيقات وليس موظفات.
الثانية: أن تعجل بالبحث عن بنت الحلال التي تملأ عليك فكرك وتحجب التفكير في غيرها عن قلبك.
الثالثة: أن تقوم معهن بدور الداعية لا الجليس وشتان بين الدورين.
فالداعية ينتهز فرصة وجوده بين النساء ليوصل لهن القيم الفاضلة والأخلاق النبيلة والأحكام النفيعة الخافية عليهن دون إزالة الحواجز أو رفع الكلفة بينك وبينهن. أما دور الجليس فهو دور سلبي وغالبا ما تأتي الفتنة التي تخشاها منه.
والشخصية المتدينة التي تخاف الله مثلك -أحسبك كذلك- لو أمعنت النظر لعلمت أنه من الممكن أن يكون ما أنت فيه باباً من أبواب الخير لعله يفتح الله من خلافه لك ولهن الخير الكثير.
ورحم الله ابن عطاء الله السكندري عندما قال: (لو تفكر الإنسان لعلم أن المحنة عين المنحة وأن المنحة عين المحنة).
أعانك الله علي دورك وحفظك وزميلاتك من نزغات الشياطين.اللهم آمين.