الاستشارات

الاستشارات تقديم نصائح متخصصة لحل المشكلات وتحقيق الأهداف بكفاءة.

الشباب الحائر بين البقاء في الوطن والهجرة للخارج
الإستشارة

نحن ثلاثة من الشباب الأصدقاء في أوسط التعليم الجامعي، جمعتنا الدراسة الابتدائية والإعدادية والثانوية، وفرقتنا الدراسية الجامعية، فكل منا يدرس في كلية مختلفة، وربما جامعة مختلفة عن الآخر، ولكن بفضل الله لم تنقطع صداقتنا، فنحن نلتقي دائما لنتبادل الأخبار وربما الأسرار.

إلي أن جاء اليوم الذي جلسنا سويا نتجاذب الأخبار والأحوال حول الوطن ومستقبلنا فيه ووصلنا إلي أخطر قرار في حياتنا، والعجيب أننا جميعا التقينا علي هذا القرار، واتفقنا عليه وكأننا معبئون به منذ زمن.

والقرار أننا سنترك بلدنا الحبيب فور تخرجنا إلي غير رجعة! بل لقد قرر كل منا إلي أين سيقصد من البلدان، وفي أي مجال سيعمل، بل لا نخفيك سراً إذا قلنا إن غالبية آبائنا قد باركوا هذا القرار ورحبوا به من أجل حياة آمنة مستقرة ذات العائد المناسب، بل ونزيدك من الشعر بيتا إذا قلنا إن بعض الآباء قالوا إنهم لو استطاعوا أن يفعلوا ذلك لفعلوه منذ زمن، لكن أعمارهم الآن وظروفهم لا تسمح بذلك، إلا أنهم يحثوننا على هذه الخطوة وإن كان ثمنها فراقهم؛ لأن مصالحنا وأمننا واستقرارنا أهم من عواطفهم!

أما عن السبب الذي جعلنا نتفق علي هذا القرار رغم خطورته، فحدث ولا حرج عن الشعور بعدم الأمان والخوف من المستقبل، زد علي ذلك ما نشعره من غربة داخل أوطاننا نجدها في كل نواحي الحياة الوظيفية والمادية وفي المعاملات، ويكفي أن تعرف أن صديقا لنا يعمل طبيباً وهو من أنبغ من أخرجته بلدنا كان يهان في المستشفى من عناصر الأمن حتى انتهى به الأمر للهجرة للخارج ليحفظ حياته ويرتقي فيها سلم الرقي العلمي والوظيفي والمادي.

وحتي لايتهمنا متهم بعد الانتماء للوطن وتقدم المصلحة الخاصة علي العامة نقول لك ولقرئك الكرام:

مهما عبرنا من حبنا لوطننا لن تكفي لغتنا للتعبير عن حبنا لذرة من تربته أو قطرة من مائه أو موقف طيب من مواقف أهله الطيبين، لكن النفس هذا البلد لم يعد آمنا ولا مستقرا ولا دافعا للمستقبل.

 

 

 

 

 


 

الإجابــة

الموضوع من الخطورة بمكان، ويحتاج مناقشة ودراسة تربوية مستفيضة من مختلف الخبراء الاجتماعيين والنفسيين وعلماء الدين للتعامل مع هذا الواقع والحفاظ على الشباب.

والحق أن هذا الموضوع بالذات خطورته تكمن في علاقته بمستقبل الأجيال وبالوطن ومستقبله لا بفرد بعينه.
وأبدأ ردي علي شباب هذه الرسالة الذين ارتضوا الحلول السريعة كما تعودوا علي الأكلات السريعة والتكنولوجيا السريعة فوصل بهم الأمر إلي هذا المستوى الخطير من القرارات السريعة التي لايمكن تركهم وشأنهم فيها.

أبدأ بسؤالكم: ومن يعيش في الوطن إن هجره بنوه؟! من يصلح مافسد ومن ينهض بما تم إن اختار كل منا الحل الأيسر لنفسه ومزاجه!

هب أن بيتك الذي تعيش فيه نالك شئ من أذاه ولم تشعر فيه زمنا بما تريد من راحة وسعادة، هل ستهجره وتترك زوجتك وأولادك عرضة للفتن والضياع؟

لو قلت نعم أضعت من حولك، ولو لا فهل ترى بيتك الذي هو الوطن الصغير أعز عليك من بلدك الذي هو الوطن الكبير؟!

ثم ما بالكم يا شباب هذا الجيل تتخاذلون عن ميراث وطن أثقل حمله كواهل آباء وأجداد حتي يسلموه إليكم وقد فعلوه، أفبعد كل هذا تتركونه وتبحثون عن لقمة أشهى وعيشة أرغد بجهد أقل. وما يدريكم أن الوطن البديل سيعطيكم ما تتمنون!

لقد علمتنا التجارت أن الأوطان الأصلية تظل الروح متعلقة بها حتى وإن نعمت الأجساد ماشاء الله لها أن تنعم بعيداً عنها، وهذا يوسف عليه السلام رغم أنه وصل في مصر لمكان الآمر الناهي إلا أنه أوصى من يأتي بعده من بني إسرائيل أن ينقلوا جسده لفلسطين التي فيها نشأ وبها قبر آباؤه وأجداده .

إنني أنصحكم أن تخرجوا خيركم لأوطانكم وألا تحكموا على الوطن حكم المتعجل، فما من وطن وإلا فيه مثل ما ذكرتم ويزيد، والعاقل الحر الشجاع هو الذي يغير الواقع ولايهرب منه، ومعارك الأوطان ليست كلها بالسلاح والقتال والمظاهر، إنما كثير من معاركها الخطيرة قد تكون بغير هذا السلاح الظاهر، فقفوا معها وقت الشدة حتي تفرحوا جميعا عما قريب براحة البال وهناء العيش الذي تطلبونها في المكان الآخر.

لكن إذا وصل الأمر إلى خطورة على النفس بالقتل أو الاعتقال التعسفي دون جريرة أو الغدر أو عدم الأمان الذي لا يمكن معه العيش والاستقرار أو الاستضعاف الشديد، فقد شرع الإسلام في هذا الوقت الهجرة إلى مكان أفضل أمنا وأكثر قدرة على العيش فيه: " إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها" عند ذلك تكون الهجرة واجبة.

 

لديك سؤال تحتاج الي إجابة عليه ؟
يرجى إدخال الاسم الكامل
يرجى إدخال بريد إلكتروني صالح
يرجى إدخال عنوان الرسالة
يرجى إدخال الرسالة
يرجى التحقق من أنك لست روبوت