الاستشارات

الاستشارات تقديم نصائح متخصصة لحل المشكلات وتحقيق الأهداف بكفاءة.

الأم الأرملة.. وتربية الأبناء بين اللين الشدة
الإستشارة

أنا أم لأربعة أبناء، أكبرهم علي مشارف العشرين، توفي زوجي منذ عامين تقريبا وتركهم لي مع قليل مما ترك من مال أنفقه عليهم والحمد لله، سؤالي ليس من غياب الزوج وتركه لهذه الدنيا في سن متوسط وفي مرحلة كنت أحوج ما أكون فيها إليه، وليس شكواي كذلك من نقص المال.

وإنما من أمر الأبناء الذين أصبحت أعترف الآن وبكل صدق أنني لا أستطيع تربيتهم، بل أؤكد لك أنهم أصبحوا الآن أقوي مني، وكلما زادت أعمارهم يوما كلما قلت سطوتي وقدرتي علي تربيتهم، حتي صار ابني الأكبر يفعل الآن ما بدا له. يخرج وقتما شاء ويعود وقتما شاء ويصاحب من شاء ويترك من شاء بلا رادع ولا ضابط بعدما فشلت كل محاولاتي لضبطه ولجمه لكنه كان أقوي مني.

وأخوه الأوسط يذهب نحوه تارة ويعود نحونا تارة إلا أنه بدأ الآن يتمرد علي هو الأخر في تجربة ثانية قريبة من تجربة أخيه، وأختهما وإن كانت أقل منهما بكثير، إلا أنني كثيرا ما أجد نفسي أيضا ضعيفة أمامها ولا أدري إن كان ضعفي هذا حقيقة أم هو شفقة عليها وحب لها.

المهم إنني الآن بدأت أرفع الراية البيضاء، وأسلم لهم؛ لأنني فشلت فشلا ذريعا في أن أربي أبنائي الذين لم أخرج من الدنيا إلا بهم، غير أنني أعود فأحاول المقاومة فأثبت علي القليل الذي أملكه من مقومات التربية حتي لا يكتمل ضياعهم.

فهل العيب في أم في أبنائي أم في الجيل كله الذي لم يعد يحترم أما ولا أبا ولا معلما، وبم تنصحني في هذا البلاء الذي لا يرفعة عني إلا الله سبحانه وتعالي.

الإجابــة

من القناعات الخاطئة التي سادت حتي كادت أن تكون حقيقة أن الأم أضعف من أن تقوم بأمر التربية، وأن موت الزوج معناه ضياع البيت ومن فيه! وهذا هو عين الخطأ. فالأم هي الأصل في التربية سواء كان الزوج حيا أو ميتا.

فالآن الأم هي التي تعايش أبنائها أكثر من أبيهم، ولمساتها الحانية تحيط بأعناق أبنائها بطوق من الفضل والشعور بالجميل ما يجعلهم  يشعرون نحوها بالحب والشفقة أكثر مما يشعرون نحو الاب. والله عز وجل يضفي علي الأم والأرامل من الطاقة والقوة وما يجعلها تصمد أمام أيه محنة وأولها محنة تربية الأبناء. ومعظم العظماء ربتهم أمهاتهم كالشافعي وربيعة الرأي والقاضي أبو يوسف وغيرهم، حتي تشرفوا هم بهذا الأمر وحكوه في كتبهم.

والذي يتراءي لي بالنسبة لمشكلتك أنك توهمين نفسك بالضعف وعدم القدرة حتي تيقن أبناؤك من هذا الأمر فلم يعودوا يحسبون لك حسابا وبدأوا في التمرد علي أوامرك.

أو أنك لم تجدين استخدام أدوات الأم المربية التي حملها الله عز وجل دور الأم والأب، مثل أدوات الحزم في غير عنف واللين في غير ضعف والأمومة القوية التي تحمل في طيات رقتها ورحمتها قبضة بطل مغمور يضبط بها من يحاول التسلل من الأدب والتربية الذي ترتضه للبيت وتختاريه طريقا لك ولأبنائك.

اعلمي أن الجيل متغير كثيرا وأن الزمان كذلك، لكنني أثق كذلك أن الأم تملك عبر كل زمان ما لايملكه غيرها.

إنني ادعوك الآن أن تنكسي الراية البيضاء، وتبدأي مع أولادك في وضعية جديدة كلها شفقة وحب لكنها في الجانب الأخر تحمل عصا المربي المشفق الذي يخيف بها كل من يظن أن الأم  لاتمك إلا دمعها واستجداءها وأحسبك تستطيعين ذلك.

لديك سؤال تحتاج الي إجابة عليه ؟
يرجى إدخال الاسم الكامل
يرجى إدخال بريد إلكتروني صالح
يرجى إدخال عنوان الرسالة
يرجى إدخال الرسالة
يرجى التحقق من أنك لست روبوت