رزقني الله عز وجل بولد هادئ جميل الطباع محب للخير بأشكاله وألوانه، غير أننا اكتشفنا مع بلوغه سن التكلم الطبيعي الذي يبلغه أقرانه أنه تقريبا لا يتكلم، وبعد جولة طويلة مع الأطباء النفسيين وأصحاب الخبرات من الأهل والأقارب، بدأ ولدنا يتلفظ بكلام لكنه قليل وبطيء ثم ما فتئ على هذه الحال حتى بدأت تتكامل على لسانه العبارات لكنها للأسف كانت تخرج متقطعة تقطعا شديدا، حتى أنه ربما يبذل جهدا كبيرا ليبدأ الكلمة التي لا تخرج إلا بتأتأة شديدة، ثم يدخل جهادا كبيرا مع الكلمة الثانية والثالثة وهكذا، حتى أنه يتعب من الجملة الواحدة ويتعب من ينتظر سماعها. والنتيجة أنه لا يحب أن يتكلم لا أمامنا ولا أمام أخوته وبالطبع أمام الأقارب والمعلمين، فقد أصبح الآن من تلميذ المدارس وما يزال حتى اللحظة يؤثر الصمت، وكلما تعرض لموقف محبط يتعلق بكلامه كلما زادت عزلته وخوفه من الناس وتبرمه منهم بشكل عام، وأنا الآن حيرى وخائفة على ولدي من الصدمات النفسية أو من تفاقم حالته النفسية لشعوره بالنقص أو الحرج، وأتساءل: هل هناك أمل في تغير حالته للأحسن؟
عيوب الكلام بعضها مرضي عضوي يتعلق بالمنطقة المتعلقة بالكلام من المخ، وبعضها نفسي وهو الذي يرتبط بالجانب النفسي، وهذا هو النوع الأسهل في النوعين، والذي أحسب أن ولدك من أصحابه؛ لأن تطور حالته من المنع إلى الكلام التدريجي حتي ولو بالتلعثم أو التأتأة يدل على إمكانية تقدم حالته أكثر وأكثر بإذن الله تعالى، فلا داعي للقلق، وانتصحي بالنصائح التالية فستفيدك كثيرا إن شاء الله:
أولا: ركزي كثيرا على البناء النفسي لشخصيته بأن تكسبيه كثيرا من الشعور بالثقة بالنفس والتميز عن غيره ولو حرم بعض ما عندهم، وهذا البناء النفسي سيفرق كثيرا معه في التعامل مع نظرات الناس وضحكاتهم وسخرياتهم خاصة في مجتمع المدرسة.
ثانيا: أشعريه دائما أنت ومن يحيط به أنكم تحبون كلامه وتتلذذون به وأن الكلام ليس بكثرته وإنما بمعناه وهو ما نجده في كلامك.
ثالثا: تواصلي مع الاختصاصي النفسي ومع معلميه في المدرسة ليساعدوك علي الحفاظ علي نفسيته، ولا مانع لو أشركت زملاءه في الأمر دون أن يشعر، لأن الصف الدراسي غالبا ما تتفاقم منه مثل هذه المشكلات النفسية.
رابعا: إياكم والضجر من كلامه لفرط الانتظار أو الانشغال عنه أثناء كلامه لأنه سيؤثر سلبا على حالته النفسية التي قد تزيد الأمر تعقيدا.
خامسا: تابعوا مع أحد الأطباء المتخصصين في عيوب التخاطب وقد بدأ هذا التخصص بجلساته النافعة ينتشر في مجال الطب.