الاستشارات

الاستشارات تقديم نصائح متخصصة لحل المشكلات وتحقيق الأهداف بكفاءة.

صديق زوجي تحرش بابنتي.. هل أفضحه؟!
الإستشارة

في العيد خرجنا في نزهة أنا وزوجي وأولادنا برفقة صديق لزوجي وأسرته، وقضينا اليوم في إحدى الحدائق، ثم احتاجت ابنتي أن تدخل المرحاض وكذلك ابنة هذا الصديق، وتبرع الصديق باصطحاب الفتاتين إلى المرحاض، وبالفعل ذهب معهما ودخلت ابنته أولًا، بينما انتظرت ابنتي معه حتى تخرج رفيقتها، وأثناء الانتظار تفاجأت ابنتي باقتراب الرجل منها ومحاولته ملامسة أجزاء من جسدها، فانزعجت الفتاة وقامت بنهره ثم جرت هاربة، وعادت إليّ وحدثتني عن ما حدث، علمًا بأن ابنتي في الخامسة عشرة من عمرها، وهي محجبة حجابًا ملتزمًا بالمواصفات الشرعية ونحن أسرة ملتزمة، كما أن هذا الصديق أسرته مثلنا، وهوملتحٍ وفي السادسة والخمسين من عمره، وكان معتكفًا العشرَ الأواخر من رمضان، وكان يؤم الناس في الصلوات طوال رمضان. فكيف يحدث ذلك من رجل كبير في السن ويبدو عليه الالتزام بالدين؟

قد هالني ما حدث! وفكرت في أن اتصل به، وأتشاجر معه وألومه على ما فعل، ولكنني تراجعت، وأنا الآن حائرة ولا أدري ماذا أفعل! فهل أتكلم مع زوجي فيما حدث؟ علمًا بأن زوجي عصبي جدًا، وأخشى أن يخرج عن الحكمة في رد فعله؟ أم أتكلم مع زوجته حتى تنقل إليه انزعاجنا؟ أم ماذا عليّ أن أفعل؟

الإجابــة

أولًا: وقبل كل شيء، علينا تحية ابنتك التي تصرفت تصرفًا حكيمًا ينم عن تربية واعية تربت عليها الفتاة.

ثانيًا: ورغم العمل الشجاع الذي فعلته الفتاة، إلا أن الفتاة تحتاج إلى متابعة نفسية متخصصة، مخافة أن يترك الحادث والصدمة بصمة سيئة على نفسيتها، قد لا تتبدى ملامحها في الوقت الحالي، وقد تظهر فيما بعد في أشكال مختلفة.

ثالثًا: عليكم أن تعرفوا أنكم كأسرة أخطأتم في السماح لصديق الأب باصطحاب فتاة شابة إلى المرحاض، حتى لو كان ذلك بصحبة ابنته، فهو أجنبي بالنسبة لها، وهذا شكل من أشكال الاختلاط المذموم، وقد رأيتِ أنه أفضى إلى خلوة سمحت بحدوث تجاوزات، ولا يخدعنا في ذلك كون الرجل مسنًّا أو في عمر أبيها، فلا سنَّ ولا ورعَ إنسان- أيًّا كان- قادرٌ على حماية المرأة من تحرشٍ أو نظرةٍ طامعة فيها. يحميها فقط الالتزامُ بحدود الله ومعاييرُ وضوابطُ الاختلاط التي حددها القرآن، وكافةُ المعايير الحافظة للمرأة من صور الأذى، كهذا الذي تناولته الرسالة.

رابعًا: أشكر لك شجاعتك في التواصل وإبلاغنا بالمشكلة بكل تفاصيلها؛ إذ قليل من الناس في مجتمعاتنا يفعل ذلك، والغالبية ترى في الكتمان سَترًا، في حين أن السكوت عن تلك القضايا يفاقم الأمر، ويسمح  للاستثناء أن يتجذر ويأخذ وضع القاعدة؛ فالإسلام في قضية الأعراض والأنساب تعامل بوضوح وصراحة دون مواربة، وهل هناك صراحة أكثر من قول الله تعالى لنساء الرسول ﷺ: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ ۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} (الأحزاب: 32).

خامسًا: وبالنسبة لما يخص الحديث إلى زوجك عن هذا الأمر، أو الحديث إلى زوجة المتحرش، فلا أرى أنه قد يفيد؛ طالما أن الله قد ستر الأمر، ولا تحاولي التواصل مع هذا الرجل؛ لأنه كما لم يكن أمينًا مع فتاة صغيرة، فلن يكون أمينًا معك، أو مع أي امرأة أجنبية، ولعل الأفضل هو ما قمتِ به من إرسالكِ استشارتكِ للنشر لكي يستفيد الناس من الموقف، ويتعلموا أن الالتزام الواعي بحدود الدين وتعاليم القرآن في مسألة الاختلاط هي أكبر حافظ لأعراضنا وحرماتنا.

سادسًا: إن مسألة التحرش مسألة مهمة جدًا، يجب أن يحذر منها الجميع، خاصة في زمن قلَّ فيه الإيمان، وغاب عنه الورع الحقيقي، وضاعت فيه الأمانة، وانتشرت فيه المفاسد والفتن، وعلينا أن نكون على وعيٍ، وكذلك أبناؤنا صغارًا وكبارًا أن تلك الظاهرة لا تستثني أحدًا، وهذا يستدعي منا أن نربي أولادنا وأنفسنا على الجاهزية التامة لمواجهة ذلك الخطر المتربص، بتوفير المعلومات الكافية وكل وسائل الحماية المطلوبة.

عافى الله مجتمعاتنا الإسلامية من تلك الأفعال والأخلاق والممارسات المذمومة، وزيَّن حياتنا بالإسلام والحياء والأمن والأمان.

 

لديك سؤال تحتاج الي إجابة عليه ؟
يرجى إدخال الاسم الكامل
يرجى إدخال بريد إلكتروني صالح
يرجى إدخال عنوان الرسالة
يرجى إدخال الرسالة
يرجى التحقق من أنك لست روبوت