الاستشارات

الاستشارات تقديم نصائح متخصصة لحل المشكلات وتحقيق الأهداف بكفاءة.

طفلي يأكل خلسة في رمضان.. فهل نعاقبه؟
الإستشارة

ابني في الثامنة من عمره، ولم يسبق له أن صام من قبل، لكننا هذا العام قررنا أن نشجعه على الصوم، وجلسنا معه وتحدثنا، موضحين له أنه قد كَبُر ولم يعد صغيرًا كالسابق، وأن رمضان قد اقترب، وأنه يجب أن يخوض تجربة الصيام لأنه من فروض الإسلام كالصلاة والزكاة والشهادتين والحج، واتفقنا معه على التدرج في الصوم في الأيام الأولى في رمضان حتى الوصول إلى مرحلة الصيام الكامل وكان مقتنعًا، وبالفعل في اليومين الأول والثاني استطاع الصبر حتى العصر، وتفاءلنا كثيرًا، ولكن في اليوم الثالث على الثانية ظهرًا دخل المطبخ وأغلق الباب على نفسه وقام بشرب كمية من المياه الغازية الموجودة في الثلاجة، وتيقنت حينها أنه قد أفطر وسألته عن ما إذا كان قد أكل شيئًا أو شرب فأنكر، فقمت بشم فمه وفعلًا شممت رائحة المياه الغازية تنبعث من فمه، وحزنت جدًا وقلت له قد خيبت ظني، فأنت هكذا تتراجع ولا تتقدم، المشكلة أن زوجي يرى أنه لا داعي للاستعجال ويرى أن الاستعجال قد يُنَفِّرَه.. فما الطريقة المثلى التي تجعله يقبل على الصيام؟

الإجابــة

لقد تكلمنا في رسائل سابقة عن استعجال الأهل في تصويم أطفالهم، وقلنا أن هناك معايير ومحددات عمرية وجسدية ونفسية وعقلية وصحية هي التي تحدد نقطة البدء مع الطفل، فهناك أطفال يجد الأهل صعوبة في تصويمهم أو حتى تأهيلهم، وهناك أطفال يكون البدء معهم سلسًا وبسيطًا وفى سن مبكرة، ولفتنا النظر إلى أنه لا داعي للقلق؛ إذ ليس المستهدف من تصويم الطفل هو الصيام نفسه لأن الطفل غير مكلف قبل البلوغ، وما نفعله مع أطفالنا من تعويدهم على الصيام إنما كان اقتداءً بتجربة الصحابة في تصويم أطفالهم في أول تجربة صوم لعاشوراء في المجتمع المسلم.

إن المستهدف من تصويم الطفل أو تدريبه- معايشة الحالة النفسية والدينية التي يعيشها المجتمع، والتعرض لنفحات وبركات الشهر الكريم، إضافة إلى ذلك، فإن الصوم هو أقوى وسيلة لإعلاء قيمة الروح على الجسد، وتمكينها من كبح شهوات النفس، والتي تعد وسيلة لتقوية الإرادة وتربية الضمير وهو ما يستدعي منا أن نتعامل مع تلك القضية بصبر ومَهَل لأنه متى ربينا الإرادة وربينا الضمير فإن ممارسة أي عبادة أو فضيلة تكون سهلة على نفس الطفل والرجل سواء بسواء، وهذا هو المستهدف الأساسي من تصويم الطفل قبل سن التكليف.

ومن ثم فإن ملاحقتكِ له وتفتيشه وشَمِّه ومحاولتكِ إمساكه متلبسًا بالفطر، وفضحه أمام العائلة، وطرح المشكلة في مشاجرة لن يحقق المستهدف الذي قلنا سابقًا أننا نريده، ولكن العكس تمامًا هو ما سوف يحدث، فما فعلتِهِ سوف يكسر كبرياء الطفل وكرامته، ويُنَمِّي لديه الشعور بعدم القدرة على ضبط النفس، ويمكن أن ييأس من نفسه، فلا يجد نفسه متحمسًا لأن يعيش الأجواء الرمضانية التي كان متحفزًا لها، وستظل تلك البقعة المظلمة عائقًا أمام إحراز أي تقدم أخلاقي أو عبادي.

في البداية: عليك أن تعالجي الجرح الذي تسببتِ فيه.

ثانيًا: حاولي أن تساعديه بإبعاد الأطعمة والمشروبات التي يضعف أمامها خلال فترة الصيام، واجعليها مكافآت ما بعد الإفطار، ومن ثم تكوني قد حولتِ المثبطات إلى محفزات.

ثالثًا: حَدِّثِيه عن حكمة الصيام ودوره في بناء الإرادة، واشرحي له الفرق بين الإنسان القوي الإرادة وبين الإنسان ضعيف الإرادة، واضربي له الأمثلة، واحكي له القصص فإن الصور المتناقضة تقرب المفاهيم وتوضح المعاني، ودائمًا اجعلي الجوائز على المجهود بصرف النظر عن النتائج، لأن ذلك أدعى إلى تربية الضمير والبعد عن الرياء، واجعلي ذلك في كل خطوات التربية وليس في رمضان فقط.

 

لديك سؤال تحتاج الي إجابة عليه ؟
يرجى إدخال الاسم الكامل
يرجى إدخال بريد إلكتروني صالح
يرجى إدخال عنوان الرسالة
يرجى إدخال الرسالة
يرجى التحقق من أنك لست روبوت