للتربية دورٌ مهمٌ في حياة المجتمعات والشعوب، فهي عماد التطوّر والبنيان والازدهار، وهي وسيلةٌ أساسيّةٌ من وسائل البقاء والاستمرار، كما أنها ضرورةٌ اجتماعيّةٌ تهدف لتلبية احتياجات المجتمع والاهتمام بها، كما أنها أيضاً ضرورةٌ فرديّةٌ من ضرورات الإنسان، فهي تكوّن شخصيّته وتصقل قدراته وثقافته ليكون على تفاعل وتناسق مع المجتمع المحيط به ليسهم فيه بفعاليّة.
والتربية هي: العمل المنسَّق المقصود الهادف إلى نقل المعرفة، وتكوين الإنسان، والسعي به في طريق الكمال من جميع النواحي وعلى مدى الحياة.
أما التربية الإسلامية فهي إضافة الى كل ما سبق ، تلك التي تتوافق مع شريعة الرحمن سبحانه وهي عملية بناء الإنسان وتوجيهه لإعداد شخصيته وفق منهج الإسلام وأهدافه في الحياة.
والتربية في كل أحوالها لا تهتم بالفرد منعزلا عن المجتمع بل تهتم بالفرد والمجتمع معا وفي وقت واحد ومتزامن من خلال اتصال الفرد بمجتمعه وتفاعله معه سلبا وإيجابا.
أهمية التربية
هناك أهميّة كبيرة لدور التربية في المجتمعات على اختلافها، وتبرز أهميتها في جوانب متعددة يلخصها الباحث إبراهيم ناصر في دراسة له على النحو التالي:
1. كونها عامل مهم في التوازن البيئيّ، وذلك من خلال دور التربية البيئيّة التي تثقّف الفرد في تعامله مع البيئة والطبيعة من حوله، حيث إنّ البيئة تعرّضت لمخاطر كبيرة من التلوّث البيئيّ الذي قام به الإنسان، لذا أصبحت التربية تولي البيئة المكانة اللازمة في نفوس الأفراد للمحافظة عليها، وتكوين الإنسان الصالح للبيئة.
2. أصبحت التربية إستراتيجية وطنيّةً لشعوب العالم، يتمّ وضع الميزانيّات والخطط والكوادر البشريّة من السياسات والبلدان لتحقيق الأهداف المرجوّ أن يسير الأفراد عليها من خلال التربية.
3. عاملٌ مهمٌ من عوامل التنمية الاقتصاديّة، عن طريق تكوين أفرادٍ مؤهلين واستثمار القوى البشرية وإعدادها وتأهيلها للعمل في الاقتصاد.
4. عاملٌ مهمٌ من عوامل التنمية الاجتماعيّة، حيث تربي الفرد على تحمل مسؤولياته الاجتماعية، ومعرفة حقوقه وواجباته.
5. عاملٌ مهمٌ في بناء الدولة العصريّة الحديثة التي تتماشى مع الحضارة، وتواكب التقدم العلميّ والتكنولوجيّ، ويعيش الفرد فيها حياةً كريمةً برفاهيّةٍ وعدالةٍ اجتماعيّةٍ بين جميع الأفراد.
6. عاملٌ مهمٌ من عوامل إرساء الديمقراطيّة الصحيحة، حيث تدلّ الأفراد على حقوقهم المدنيّة والسياسيّة، وتحرير الأفكار من الجهل ليؤمن الأفراد بالرأي والرأي الآخر، ودور المشاركة الفعالة في تطوير المجتمع.
7. عاملٌ مهمٌ في التماسك الاجتماعيّ والوحدة الوطنية والقوميّة من خلال توحيد القوى والاتجاهات في المجتمع لخلق وحدةٍ فكريّةٍ تؤدي إلى ترابط المجتمع وتماسك أفراده.
من يقوم بالتربية؟
والتربية بذلك عملية تنمية للأفراد ذات اتجاه معين، ويترتب على ذلك أنها تحتاج إلى وكيل تربوي يوجه الشخص الذي يمر بهذه العملية، أي أنها تقوم على أساسين وهما التلميذ والوسيلة التربوية التي تشكل طبيعته الإنسانية. ويقوم على هذه الوسيلة التربوية ويوجهها أفراد لهم بعد تربوي، وبذلك تكون التربية عملية تنمية للأفراد.
غير أنى أرى أن التربية لابد أن يقوم بها كل فرد في المجتمع كلٌ حسب سنه ووضعيته، لأن التربية تعتبر من مشتقات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي لم يستثنى الله منه أحد حينما وصف ذلك بقوله: «كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ» (آل عمران:110)، بل هي أيضا تندرج تحت مفهوم التدافع والذي ينشد الإصلاح لأن الله سبحانه ربطه بدفع الفساد دائما قال سبحانه: «وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ» (البقرة:251).
وبقدر اختلاف المجتمعات وتباينها تختلف التربية في أنواعها ومفهومها وأهدافها وطرقها والسبب في ذلك فعل وتأثير القوى الثقافية التي تؤثر في كل مجتمع على حدة.
والعملية التربوية ليست يوما أو ساعة ولكنها عبارة عن تراكمات من الخبرات والسلوكيات التي رضيت عنها الشعوب على مر الزمن فبواسطة العملية التربوية عرف الفرد الحقائق الموجودة في العالم وتعلم المهارات التي تفيده في الحياة وبواسطتها نمت قدراته وتشعبت ميوله وحُققت رغباته.
.كما أنها ليست حكرا على أحد ولا هي مهمة إنسان دون آخر، وهي عملية عامة قد يقوم بها الأب أو الأم أو المدرس أو المدرسة أو السائق أو البائع أو أي مخلوق قد تأهل لذلك.
.