Business

على أعتاب العشر الأواخر

تسارعت الأيام وانقضت الليالي، وها هي أيام العشر الأواخر تقدم برحيقها ونسماتها لتلفح قلوب المؤمنين الذين أعدوا وجدوا منذ انطلاق السباق الرمضاني، أقبلت لتتوج جهدهم بليلة هي خير من ألف شهر، ثم لتكون الجائز الكبرى يوم العيد حين يصدح المؤمن بالتكبير فرحا بتوفيق الله أن أكرمه في إتمام صيام الشهر المبارك.

يقول الشيخ محمد صالح المنجد: فقد صدق الله: {أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ} (البقرة: 184)، وها هي هذه الأيام توشك على الانقضاء، فرمضان ليس أشهرًا، ولا سنوات، وإنما هو أيام لا تلبث أن تنقضي سريعًا حتى يكون في نفوس المؤمنين شيء من الحسرة والشوق على الفراق.

ولكن يبقى المؤمن ما دام في رمضان لحظة أمل، وفي عمل حتى لا يخسر هذه اللحظة، والخيل إذا قاربت على الوصول جدت في المسير، وأخرجت أحسن ما عندها قبل نهاية السباق، ومن أحسن فيما بقي غفر الله له ما مضى، والعبرة بكمال النهاية لا بنقص البداية، وهكذا نغتنم ما تبقى من الشهر.

والمؤمن يرجو الحديث الذي رواه أبو هريرة: «ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة» (رواه الترمذي وابن ماجه) ففي كل ليلة من ليالي الشهر من أوله إلى آخره؛ فرصة للعتق من النار، ومن الذي لا يريد العتق من النار؟ كما أنه يخشى دائما الحديث الذي رواه أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: « رَغِمَ أنفُ رجلٍ دخلَ علَيهِ رمضانُ ثمَّ انسلخَ قبلَ أن يُغفَرَ لَهُ» (الترمذي).

وأيام قلائل يودع بها عباد الله المؤمنون شهر رمضان، فيا عبد الله، يا من قصرت فيما مضى، لا تفوت ما بقي، فما بقي عظيم، فليلة سبع وعشرين قادمة، وبعدها ليلة ثمان وعشرين، وليلة تسع وعشرين، وربما تكون هي الأخيرة.

يا صاحبي: لقد كان رسولك صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره، وجد، وأحيا ليله، وأيقظ أهله؛ استعداد للعبادة، واجتهادًا، وحرصًا على المداومة، وتجويدًا للخاتمة.

وإن كانت المساجد قد أغلقت فلا تحرم نفسك نية الاعتكاف، واحرص على الطاعات، وتحرَّ ليلة القدر، لعلك تكون من سعدائها هذا العام، قال صلى الله عليه وسلم: «تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان» (رواه مسلم).

فهذه الليلة لا تحتاج إلى أعذار.. فهيا نتعب ليالي قليلة –فلربما لا تعود ونحن أحياء- لنال راحة أبدية في جنة الخلد مع نظرات من الرحمن على أهل الجنة.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم