اليتيم هو من مات عنه أبوه وهو صغير، واللطيم هو الذي فقد كلا الوالدين، ويتضمن معنى اليتيم أيضًا الغفلة، فاليتيم حينما يفقد من يرعاه يجد نفسه في حاجة إلى من يهتم به في وقت يتغافل فيه الناس عنه بانشغال كل واحد منهم بما يعنيه، وكذلك يتضمن معنى اليتم الفقد، فاليتيم يفقد ما يجد غيره من المال والثياب والاهتمام.
وأطفال المعتقلين والمضطهدين من المسلمين يعيشون بين حياة اليتيم واللطيم رغم وجود الآباء والأمهات على قيد الحياة إلا أنهم غابوا بين أقبية السجون والمعتقلات؛ فأصبحوا في حكم الأيتام.
أطفالا يشبون لا يعرفون لماذا حدث ذلك لهم دون غيرهم، حيث كان كل واحد منهم يحلم أن يحتضنه أبوه أو أمه، أو يسعون لحمايتهم من نوائب الدهر، لكنهم وجدوا أنفسهم تتخطفهم أعباء الحياة وقسوتها رغم صغر سنهم.
بنات صغار أصبحن كالأمهات لحماية إخوتها الصغار، بل أطفالا وجدوا أنفسهم في عنابر الرعاية بعد أن مات أبوهم تحت سياط وقسوة التعذيب، وبعد أن غيبت أمهاتهم خلف قضبان السجون.
بل أطفال وجدوا أنفسهم يعيشون وحشة الغربة بعد أن قتل أو أسر أبواه لا لشيء إلا أنهم قالوا ربنا الله.
في الوقت الذي تتشدق به وسائل الإعلام بيوم الطفولة نجد أطفالا أيتام مع وقف التنفيذ يقفون في ظلمات الليل المدلهم، وفي البرد القارص لكي يلقي نظره على والداه وهم خلف السجون.. بأي ذنب اقترفوه؟ وبأي جريرة ارتكبوها؟
لقد جاء الإسلام واليتيم ليس له حظ في الحياة فأمر بإكرامه، وأكد القرآن الكريم على حقيقة الإحسان إلى اليتيم، كما حذر من إهانة اليتيم وإيذائه بأي نوع من الإهانة والأذى، لكننا نجد القوم يهينونه ويهينون أباءهم وأمهات إمعانا في الظلم والبغي ويظن أن الله غافلا عما يعملون.
ولذا وجب على الجميع أن لا يحرموا اليتيم عطفهم، ولا يجرحوهم بكلامهم، ولا يستقوون عليهم بأفعالهم، لأنهم فقدوا المسئول عن رعايتهم فصار الجميع لهم آباء وأمهات.
ففي الحديث الشريف: «والأب راعٍ في بيته، وهو مسؤول عن رعيتِه»؛ ففقده يسبب خللا في البيت لا يجبر، ولكن التخفيف عن اليتيم يكون بوجود كافل أو وصي يقوم مقام الأب في رعاية هذا اليتيم، والحفاظ على ماله حتى يبلغ أشده، وله في ذلك ثواب كبير؛ ففي الحديث الشريف: «أنا وكافلُ اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبَّابة والوسطى، وفرَّج بينهما» رواه البخاري.
وأطفال المعتقلين والمضطهدين ربما لم يترك لهم آباءهم شيئًا من حطام الدنيا؛ فوجب على أصحاب المروءة ألا يتركهم لقسوة الحياة خاصة أنهم غير باقي اليتامى الذين ربما تنفق عليه الدولة، أما هؤلاء الأيتام فتقسو عليهم الدولة، بل وتعمد للتضييق عليهم بعدما اعتقلوا آبائهم وأمهاتهم.
.