التربية لغة:
تأتي التربية في اللغة على معانٍ، منها:
1 - التنشئة، تقول: ربى فلان فلانًا نشأةُ.
2 - التغذية: أعم من أن تكون مادية أو معنوية، تقول:
ربَّى فلانا: غذاه، أعم من أن يكون ذلك غذاءً جسديًا أو عقليًا، أو روحيًا أو خلقيًا.
3 - النمو والزيادة، تقول ربا الشيء رُبُوًّا: نما وزاد، قال تعالى: {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} (الحج:5) يعني: زادتْ، وانتفخت لما يتداخلها من الماء والنبات.
ولا تعارض بين هذه المعاني جميعًا: إذ التنشئة الجِّيدة والغذاء الجامع النافع يؤديان لا محالة إلى النموِّ والزيادة.
التربية اصطلاحًا:
وتختلف ماهية التربية اصطلاحًا باختلاف العقائد، والنظرة إلى النَّفس، والكون، والحياة، ومدبِّر ومصرِّف أمر ذلك كله.
فالذين لا يؤمنون بالله، والدار الآخرة، ويرفضون حقَّ الإنسان في التصرف والحركة بصورة فردية، وهم الماديون الجدليون لهم تعريف خاص بهم، والذين يؤمنون بالشركاء مع الله، واتخاذ الوسطاء والشفعاء عند الله للتجاوز عن سيئاتهم، وخطاياهم، لهم تعريف خاص بهم، والذين يؤمنون بالله ربًا وبالإسلام دينًا، وبمحمد r نبيًا ورسولًا لهم تعريف خاص بهم.
والذي يعيننا هنا هو تعريف التربية في المصطلح الإسلامي وخلاصة هذا التعريف أنها: «العمل بكل الأساليب والوسائل الممكنة والتي لا تتعارض مع مبادئ الشرع الحنيف على تنشئة المسلم تنشئة تعينه على أداء دوره، وواجبه في الأرض».
ماهية التربية عند الحركة الإسلامية
والذين ينظرون إلى الإسلام على أنه آيات وأحاديث الصفات فقط لهم تعريف يخصهم، والذين يفهمون الإسلام على أنه عبادات، وشعائر مخصوصة من صلاة أو زكاة وصيام وحج وقراءة قرآن، وذكر، ودعاء، وتوبة واستغفار لهم تعريف يخصهم، والذين ينظرون إلى الإسلام على أنه علاقات إنسانية، وآداب اجتماعية لهم تعريف يخصهم، والذين يفهمون الإسلام على أنه دين العناية بالصحة والعافية البدنية لهم تعريف يخصهم، والذين ينظرون إلى الإسلام على أنَّه نظام، ومنهج حياة لهم تعريف يخصهم، وحتى أصحاب هذه النظرة الشمولية يختلف ماهية التربية عندهم حسب النظرة إلى أسلوب فقه هذا الإسلام، وطريقة الدعوة إليه، فالذين يفهمون الإسلام بعيدًا عن العربية لهم تعريف يخصهم، والذين يفهمون الإسلام بالوقوف عند بعض نصوصه وإهمال البعض الآخر لهم تعريف يخصهم، والذين يحصرون منهج الدعوة إلى الإسلام في القوةَ لهم منهج يخصهم، وهكذا اختلافات لا حصر لها. وهذا تعريف الحركة الإسلامية للتربية، وخلاصته: «العمل من خلال جماعة بكل الأساليب والوسائل الممكنة والتي لا تتعارض مع مبادئ الشرع الحنيف على تنشئة المسلم وإعداده ليقوم بدوره وواجبه في إعادة التمكين للإسلام بعُمومة وشموله، ووسطيته، وعالميته في هذه الأرض مع حمايته من كيد الكائدين، وعبث العابثين».
ماهية المُرَبِّي عند الحركة الإسلامية
وتبعًا لما مضى فإن المُرَبِّي عند الحركة الإسلامية هو الذي صارت لديه أهلية وصلاحية القيام بواجب التربية والإعداد للمسلمين كي يقوموا بدورهم، وواجباتهم في إعادة التمكين للإسلام بعمومه وشموله ووسطيته وعالميته في هذه الأرض، مع حمايته من كيد الكائدين وعبت العابثين وفق المنهج الذي وضعته الحركة وارتضته لنفسها.
.