تعيش الحركة الإسلامية في الوقت الراهن مرحلة حساسة فى انفتاحها على المجتمع في كل الدول الموجودة فيها، ورغم ما واجهته الحركات الإسلامية وفي قلبها جماعة الإخوان المسلمين، إلا أنها جميعا تتوافق في كثير من المشاهد، خاصة بعدما حاولت أن ترسم نفسها كبديل واقعى وحل مستقبلي لمشاكل مجتمعها والأخذ بيده فى طريق النهضة والحرية والتطوير إلا أنها قوبلت بالحديد والنار من كل كاره للمنهج الإسلامي.
ففي لحظة من اللحظات كانت إرادة الشعوب المختلفة متوافقة مع هذه المرحلة، وبإرادتها الحرة اختارت أصحاب المشروع الإسلامي ليتقدموا الصفوف سواء كان ذلك على المستويات السياسية كما هو الحال فى انتخابات المجالس التشريعية وتشكيل الحكومات، أو على المستويات الخدمية والاجتماعية كما هو الحال فى النقابات المهنية والمجالس المحلية والاتحادات الطلابية.
استوجب كل ذلك أن تكون الحركة الإسلامية وأبناؤها ملئ السمع والبصر فى وسائل الإعلام المختلفة المقروء منها والمرئي والمسموع. وأصبح لزاما لذلك أن تدفع الحركة الإسلامية برموزها وكوادرها لتقديم ذلك المشروع بصورته وعلى ألسنة أبنائه. وهذا أمر طبيعي ولا مشكلة فيه لدى أي مشروع آخر. إلا أن المشروع الإسلامي يختلف عن باقي المشاريع أنه يربى أبناءه أن لهم غاية أخرى وأهدافا أسمى عن مجرد تحقيق تلك المكاسب المادية على الأرض، فأبناء المشروع الإسلامي يؤمنون بالله عز وجل غاية لهم ويبذلون ما يبذلون أملا فى قبول الله ونول رضاه. وهنا تظهر المشكلة حيث أن العمل العام والذى تستوجبه هذه المرحلة قد يتعارض مع إخلاص الغاية والهدف والنية والتوجه لله، وتصرخ النفس مطالبة بحظها ونصيبها من هذه الأعمال مما يتنافى بالكلية مع إخلاص التوجه لله.
حتى أصبح العمل العام وكأنه وحش كاسر يحاول أبناء الحركة الإسلامية البعد عنه وعدم ارتياد ميادينه، الأمر الذى قد يؤثر سلبا فى عدم إخراج الكفاءات المناسبة للتصدي لمثل هذه الاعمال فى مكانها المناسب، فضلا أن تترك هذه المساحات فارغة ابتداء، وهو ما جعلها لا تجد كثيرين يتحملون التبعة بعد ثورات الربيع العربي، ولربما هذا الداء ظل يطارد أبناء الحركة الإسلامية في كل مكان إلا أنه أظهر كثيرا من المساوئ التي كانت خافية عن العين بالبعد عن نطاق العمل العام.
لمطالعة الدراسة الحصرية: الحركات الإسلامية وأخلاقيات العمل العام
.