Business

ميلاد النبي صلى عليه وسلم وغرس قيم الإيجابية

يشع على الأمة هذه الأيام رياح عطرة بمناسبة ذكرى ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم، غير أنها تهل علينا وقد استتب بالأمة داء عضال حذر منه القرآن الكريم كما حذر منه النبي محمد صلى الله عليه وسلم.. ألا وهو داء السلبية.

وقد عمد القرآن الكريم إلى اظهار الفرق بين الإيجابي والسلبي، وكأنه الفرق بين الليل والنهار، والحياة والموت، قال تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَم لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (النحل:76).

لقد سمى الله السلبي في هذه الآية { كّلًا} والإيجابي بـ{يأمر بالعدل}.. {كلّ} أصعب من سلبي.. لأن سلبي معناها غير فعال أما كلّ فمعناها الثقيل الكسول، وقبل هذا فهو {أبكم} لا يتكلم ولا يرتفع له صوت.

لقد جاء محمد صلى الله عليه وسلم فغرس معاني الإيجابية في النفوس المؤمنة، وعمل على تنقية القلوب والعقول من الأفكار والهواجس السلبية التي قد تسيطر على الفرد والمجتمع، فكانت أول بشريات رسالته طوفان من الإيجابية ونبذ السلبية التي قد تقعد المرء عن أداء أبسط المهام، فعن عائشة رضى الله عنها أنها قالت بعد أن رأى النبي الوحي أول مرة: «فرجع بها ترجف بوادره، حتى دخل صلى الله عليه وسلم على خديجة رضي الله عنها، فقال: « زملوني زملوني»، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال صلى الله عليه وسلم: «يا خديجة، ما لي - فأخبرها الخبر-، وقال: قد خشيت على نفسي، فقالت له صلى الله عليه وسلم: كلا أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق».

لقد كانت المعاني التي ساقتها السيدة خديجة دافعا قويا للتحلي بالإيجابية وحمل المهمة على أكمل وجه، فحمل الرسالة وجابه بها كفار قريش، بل دفعته إيجابيته إلى الانطلاق بها خارج مكة حينما قطع المسافة ليبلغ الطائف ويخبر أهلها برسالته، فحينما خذلته ومات عمه وزوجته لم تقعده السلبية، بل حمل الدعوة وانطلق بها وسط الحجيج يعرض عليهم رسالة الإسلام حتى تحقق المراد واستجاب لها نفر من أهل يثرب.

وهكذا المسلم يرى الأمل دائما غير منقطع وينظر إلى الواقع وإن اشتد عليه بإيجابية وتفاؤل. وفي الحديث: «من قال هلك الناس فهو أهلكهم»، (رواه مسلم عن أبي هريرة). ( فهو أهلكهم أي أشدهم هلاكًا).

أليس فينا الأن صاحب نقب؟ أليس فينا البراء بن مالك الذي فتح الله على يده حصن اليمامة المتحصن فيه مسيلمة الكذاب؟

وهذا هو سيدنا أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه يحدثنا عن المنهج النبوي في التربية، فيقول: خدمتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنوات، فلم يقل لشيء فعلته لم فعلت كذا؟! أو لشيء لم أفعله لمَ لمْ تفعل كذا؟! فعشر سنوات ولم تصدر من هذا النبي الكريم رسالة سلبية واحدة.

لقد تجلت صور الإيجابية في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان عليه السلام قوَّاما متعبدا، يعبد الله حتى تتورم قدماه، رغم مغفرة الله لما تقدّم من ذنبه وما تأخر.

كما كان عليه الصلاة والسلام خير الناس لأهله، يرحمهم ويحبهم ويقوم ببعض الأعمال داخل البيت.

وليس ذلك فحسب بل كان عليه الصلاة والسلام ذو أخلاق عالية في كلامه وسلوكه، فلم يكن سبابا ولا لعانا، وكان عليه الصلاة والسلام القدوة الحسنة في كل حركاته وسكناته.

لابد للأمة أن تأخذ بنواصي العزم وتحمل معاني القرآن الكريم ومواقف النبي صلى الله عليه وسلم في قلبها لتحقق معاني الإيجابية والتخلص من السلبية المقيتة التي ساعدت على انتشار الظلم والبغي بحجة السلامة والأمان، يقول الشيخ عمر البسطويسي من علماء الأزهر: «حقيقة الإيجابية عند المسلم هو اتخاذ الوضع الأفضل في الظرف الأسود، وذلك من خلال سلوك فعال نحو الإصلاح، وآفة الإيجابية هي الجبن والكسل».

 

علاج نبوي

قدم النبي صلي الله عليه وسلم وصفةً لإزالة الطاقة السلبية التي تحبط الإنسان وتقعده عن العمل والاجتهاد وتصيبه بالكسل ومشاركة الآخرين، ومنها:

  1. الوضوء؛ لإزالة الشحنات الكهربية الضارة التي تنزل على الارض وتصيب الفرد بالآلام العضوية والنفسية.
  2. تحديد الهدف بدقة؛ لأن مشكلة الشباب الآن هي أن لديهم طاقات كبيرة جدا ولكن لا يعلمون كيف يستغلونها مما يزيدهم ألما وضيقا وتشتتا.
  3.  الاندماج مع أشخاص إيجابيين، وتعلم مساعدة الآخرين وخاصة المحتاجين.
  4. ممارسة الرياضة والأنشطة.
  5. يعلم الفرد أن كل منا مجازى بما يفعل ومسئول عما لم يفعل مما كان ينبغي أن يقوم به.
  6. يجب على الفرد أن ينسلخ من تأثيرات الجو العام وما يشيعه الناس من أفكار سلبية ونظرات تشاؤمية لا تجلب لأصحابها الراحة كما يظن العامة بل تسبب نزول البلاء وسوء الخاتمة.

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره أن يرى الرجل سلبيا فارغا بلا عمل، وإذا اشتكى إليه الرجل القوي قلة المال، قال له: «اذهب فاحتطب» (أبوداود).

وكان يشجع عبد الله بن عمر ويقول : «نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم الليل»، (البخاري).

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب العمل الإيجابي من كل أحد، ولذا حوت أحاديثه وأفعاله الكثير مما يجعل الأمة على الإيجابية ونبذ السلبية التي تكاد تقتل الجميع الآن.

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم