للقرآن الكريم أثر كبير في بناء شخصية المسلم، لذلك تضمن القرآن الكريم دستورًا للأخلاق والآداب في جميع مجالات ونشاطات الإنسان، فلم يترك جانبًا منها إلا وكان له فيه توجيه وإرشاد.
وفى هذه الدراسة، ترى د. نسيسة فاطمة الزهراء، أن المجتمع الإسلامي في شتى أقطار الأرض بحاجة إلى تعاليم القرآن الكريم وخاصة منهم الأطفال، ليتربوا ممتثلين لخالقهم مطبقين توجيهاته، ويوجد بالقرآن الكريم الكثير من القوانين الوضعية، والتي تبرز قيمة التعاليم التربوية وإنها صالحة لكل مكان وزمان، والرسول عليه الصلاة والسلام أبرز محاسن التربية القرآنية، وأقنعنا بشموليتها، ونفعها لنا في الدنيا والآخرة.
الجوانب التي يؤثر فيها القرآن الكريم على الطفل
وإذا علمنا الطفل الصغير منذ نعومة أظافره على حفظ القرآن الكريم وقراءته، فإنه يكبر على تعاليمه السديدة، فعن أبي هريرة: أن النبي قال: «سبعةٌ يظلُّهم الله- تعالى- في ظلِّه، يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه: إمامٌ عَدْلٌ، وشابٌّ نَشَأَ في عبادة الله، ورجلٌ معلَّقٌ قلبُه في المساجد، ورجلان تحابَّا في الله؛ اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه، ورجلٌ دَعَتْهُ امرأةٌ ذات منصبٍ وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجلٌ تصدق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلمَ شِماله ما تُنفِقَ يمينُه، ورجلٌ ذَكَرَ الله خاليًا ففاضَتْ عيناه».
وإذا كانت التربية تطور الإنسان من حال إلى حال، فالقرآن الكريم هو الذي أحدث هذا التحول للبشرية، فبعد أن كان العرب في صراع ونزاع في شتى نواحي الحياة، صاروا إخوة متآلفين، فهذا القرآن هو الذي ربى الأمة على الإيمان، وحولها من الجاهلية إلى النور لقوله تعالى: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقرآن عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (سورة الحشر الآية 21).
ويبين أثر القرآن التربوي قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ (سورة الجمعة الآية 02)، لذلك يعد القرآن الكريم دستور الإنسانية وقانونها العام، إذ له مهمتان: مهمة تعليمية تثقيفية، ومهمة أخلاقية تربوية.
إن مقاصد نزول القرآن الكريم، هي تربية الأمة الإسلامية، ولهذا نجده ركز تركيزا كبيرا على الجانب التربوي، ولذا يستطيع المربي تربية الأطفال على أخلاق القرآن الكريم، وغرس عقيدة الإيمان في قلوبهم من خلال الآيات القرآنية التي أكدت ذلك.
فقد اشتمل القرآن الكريم على الفضائل والآداب، التي تربي الطفل على التسامح والسلم، كما في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آَمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ (سورة المائدة الآية 02).
كما حذر من القبائح، وشرع الحدود الزاجرة المنجية من الانزلاق إلى المهاوي والوقوع في المخاطر، والأشياء تتميز بأضدادها: فمنها ما يختص بالفرد: كالكذب، والإسراف، والكبر، والغرور، والخداع، والبخل، والغلظة، والفحش، والصخب، والفخر، والبطر، والرياء، ونحو ذلك، ومنها ما يختص بالمجتمع: كالخيانة، والغدر، والظلم، وشهادة الزور، والتنابز بالألقاب، والحسد، والنفاق، والخداع، والغيبة، والنميمة، والسخرية، ونكث العهد، والهمز واللمز، وظن السوء، ونحو ذلك.
لماذا غالبا عندما نعلم أطفالنا القرآن الكريم نهمل التربية الخلقية، والتي تعد الهدف الأسمى الذي بعث من أجله الرسول، إذ قال: «إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق»، وقال الحق سبحانه في حق نبيه محمد: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ. فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ. بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ. إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ (سورة القلم الآيات 4- 6)، فالطفل عندما يتعلم القرآن يجب عليه أن يتعلم آداب الحديث ومكارم الأخلاق من المربي الذي يعلمه.
للتربية النفسية أهمية بالغة، لكونها من العوامل المهمة في تكوين شخصية الطفل، فهو بحاجة إلى رعاية نفسية عند حفظه أو تعلمه القرآن الكريم من المربي، وينبغي على الذين يعلمونه القرآن الكريم مراعاتها، والعمل على إشباعها، وعدم إهمالها، لما لها من أثر ايجابي على الحفظ والمراجعة والاستماع.
أهمية تعليم القرآن للطفل
على المربين الاهتمام بتربية الأطفال وتعليمهم القرآن الكريم فقد جاء التوجيه النبوي للآباء والمربين، لتأديب الأولاد على تعلم القرآن الكريم، فعن علي أن النبي قال: «أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب آل بيته، وتلاوة القرآن، فإن حملة القرآن في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله مع أنبيائه وأصفيائه».
إيجابيات حفظ الأطفال للقرآن الكريم:
- صفاء الذهن وقوة الذاكرة.
- الطمأنينة والاستقرار النفسي.
- السعادة.
- التخلص من الخوف والحزن والقلق والاكتئاب.
- قوة اللغة العربية.
- القدرة على بناء علاقات اجتماعية وكسب ثقة الناس.
- القدرة على الاستيعاب والفهم.
- شخصية قوية ومتزن.
.