Business

الاضطرابات النفسية وعلاجها في ضوء سورة يوسف

 تظهر الاضطرابات النفسية السلوكية بشكل كبير حينما تكون التنشئة الاجتماعية ضعيفة، حيث أن للتنشئة الاجتماعية دورٌ كبير في ضبط السلوك، حيث يترعرع الفرد ويكتسب كثيرًا من الأمور التي تساعده على أن يكون إنسانًا سويًا إلى حد ما.

والبحث الحالي الذى أعده كلا من الأستاذ دكتور صالح حسن أحمد الداهري، جامعة العلوم الإسلامية العالمية، والأستاذ دكتور ناصر أحمد الخوالدة، يهدف إلى تشخيص وعلاج الاضطرابات النفسية السلوكية وتحديد المضامين والمبادئ التربوية المنتقاة من سورة يوسف عليه السلام، والتعرف على طرق التحكم فيها وكيفية التعامل معها ومعالجتها، بعد تحليل الآيات القرآنية التي تمثل الاضطرابات في سورة يوسف عليه السلام وفق الرؤيا القرآنية.

 

ذكر الاضطرابات النفسية السلوكية في سورة يوسف عليه السلام

تعرضت سورة يوسف لبعض الاضطرابات السلوكية النفسية وتحليلها وصفيًا وحددت الاضطرابات الإنسانية المختلفة كما يلي:

  • اضطرابات الغضب: قال تعالى: {وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ}.
  • الخوف من الحسد: وخوف من العدوان: قال تعالى: {يَا بَنِيَ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ}.
  • اضطراب الغيرة: قال تعالى: {إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}.
  • اضطراب القلق: قال تعالى: {... قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ}.
  • اضطراب الحب: قال تعالى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}.
  • اضطراب الحزن: قال تعالى: {وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ}.
  • اضطراب الغبطة والخجل: قال تعال: { قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ}.
  • السرور والفرح: قال تعالى: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ}.
  • الانتباه: قال تعالى: {وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ}.
  • الدهشة: {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئًا وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ}.
  • العدوان: قال تعالى: { اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ}.
  • الرفض الشديد: مثل كراهية الرذيلة، قال تعالى: { قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ}.
  • الخوف: قال تعالى: {قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}.

 

طبيعة الاضطرابات النفسية الواردة في سورة يوسف

  1. متطرفة.
  2. مكبوتة.

فهي متمثلة بحب جامح قاتل، وحزن مهلك، وغيرة قاتلة، وحسد قاتل، وعدوان قاتل، ودهشة شديدة لحد الذهول، وغضب مكبوت، وقلق وخوف، وغبطة مشوبة بخجل، ورفض معتدل، ورفض شديد (مقت الرذيلة)، وحزن مفتعل (بكاء مفتعل)، وانتباه، وسرور شديد مؤثر.

 

أهم المبادئ التربوية المستنبطة من سورة يوسف

  1. علمنا الله سبحانه من خلال هذه الآيات طرق تصريف الانفعالات وكيفية التعامل معها بالسيطرة على حالة الفزع عند المصيبة بالصبر والاحتساب وعدم اليأس من رحمة الله وكتم الغضب، والسيطرة على مشاعر الحب بالتمسك بالعفة، وكبت الحزن والسيطرة عليه بالشكوى لله وحده والدعاء لله وحده.
  2. تكريم الله سبحانه لمن يسيطر على اضطراباته من الأنبياء والمؤمنين بإثابته في الدنيا والآخرة.
  3. دعوة البشر إلى توحيد الله والتعلق بالذات الإلهية للخلاص من جميع مصائب الدنيا.
  4. تعريف البشر بالعدالة الإلهية وإظهار الله للحق ونصرته على الباطل.
  5. دعوة البشر إلى الاعتدال ونبذ التحاسد والتباغض والغيرة كي لا يحصدوا الندم على ما فعلوه.
  6. تضعنا الآيات أمام قدرة الله تعالى على تصريف أمور البشر في الحياة الدنيا لصالح الإنسان– مهما بدت هذه الأمور حسنة أو سيئة. 
  7. التمسك بالصدق والحفاظ على الأمانة والنزاهة.
  8. تعلمنا الآيات فضيلة العفو عند المقدرة عن الأقرباء المخطئين.
  9. اجتناب تفضيل الأبناء على بعضهم البعض.
  10. الإيمان بقضاء الله وقدره، وأن حكمته بالغة، وعلينا الإيمان والاطمئنان إلى حكمته في الحياة الدنيا والآخرة؛ لأن الله لا يظلم أحدًا.

 

الرؤية القرآنية للتعامل مع الاضطرابات النفسية السلوكية

  1. يمكن التحكم بالاضطرابات، خاصة اضطراب الغضب والحب شريطة وجود الحالة الإيمانية عند الفرد.
  2. يؤكد القرآن الكريم والسنة النبوية على إمكانية كتم الاضطرابات، خاصة الغضب؛ بدافع الخوف من الله وحده.
  3. معالجة  التأثيرات الروحية كالإيمان للاضطرابات النفسية السلوكية.       .        
  4. كتم الاضطرابات فعل إيجابي إرادي شعوري يولد حالة من الرضى وانتظار المثوبة الأخروية.   
  5. التحكم بالاضطرابات يقود إلى الإرادة والقدرة على ضبط النفس وقيادتها.         
  6. التحكم في الاضطرابات له مردود أخلاقي واجتماعي.
  7. الرؤية القرآنية للتحكم بالغضب تتمثل بكبت الغضب؛ لأن كتم الغضب أقل إيلامًا من الشعور بالذنب فيما لو أطلق الشخص العنان للغضب، وأهم الإرشادات الإسلامية للتحكم فيه:
  • تغيير الوضعية من جلوس وقعود ونوم وغيرها.
  • الوضوء عدة مرات.
  • التعوذ بالله من الشيطان.
  • الاستغفار.
.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم