مستقيم.. مساجد ماليزيا عبادة وتربية

ولاية قدح في ماليزيا

حوار: سمية مليح

  • المساجد في ماليزيا تقيم المناسبات: مثل عقد القِران، وولائم العرس، وإفطار الصائمين.
  • لدينا أنشطة موجهة لحديثي الإسلام، تعنى بتقديم المعلومات والوعظ.
  • للأطفال والشباب نصيب وفير من نشاط المساجد؛ لتقريبهم من معاني الإسلام.
  • وسائل العرض الحديثة، كالباور بوينت والداتا شو، ساهمت في إيصال رسالة المسجد إلى الناس.


ظل المسجد يشغل دورًا بارزًا في قلب المجتمع الإسلامي وكيانه منذ عهد النبوة وطيلة تاريخ الأمة المسلمة بكافة مراحلها التاريخية، وبقي المدرسة الأولى التي يتلقى المسلمون فيها تعاليم دينهم، وكذلك المحضن التربوي الأول الذي يصوغ منظومة القيم والأخلاق الإسلامية في نفوسهم.

والمساجد في ماليزيا لا تتميز فقط بعمارتها الفريدة وسمتها الجميل، وإنما تتميز بعمق الدور الذى تلعبه في حياة الناس، إذ تقوم بنفس الدور الذي كان يقوم به المسجد في عهد النبوة، حيث يمثل المدرسة الأولى التي يتعلم فيها الناس دينهم، وفى ظلاله يقيمون أعراسهم ويستقبلون مواليدهم، وفيه يقيمون صلواتهم، ويتعلمون دينهم ويتربون على قيمه.

فعن دور المسجد في المجتمع ورعاية الدولة لهذا الدور وتفرد المسجد الماليزي عن المساجد في الوطن العربي وغير ذلك من التساؤلات، كان لنا هذا الحوار مع الشيخ محمد مستقيم عبد الحليم، المدرس بكلية الشريعة والقانون بجامعة السلطان عبد الحليم معظم شاه بولاية قدح شمال ماليزيا, والشيخ الذي ولد بولاية (ترنجانو) بماليزيا, قد تخرج في جامعة الأزهر سنة 2005م, وحصل على شهادة الماجستير من الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا سنة 2014م.

-بداية، نريد أن نعرف هل المساجد في ماليزيا تابعة لأشخاص أم هيئات أم من المسئول عنها وعن بنائها؟

--تختلف المسئولية حسب المحافظات، ولكن عمومًا المساجد في ماليزيا إما أن تكون تحت رعاية مجلس الشئون الدينية التابعة للسلطان، وهذه تنفق عليها الشئون الإسلامية، و إما أن تكون تابعة لسكان المنطقة، فهم الذين يتولون إدارتها والإتفاق عليها، وهذا يحدد من بداية إنشاء المسجد، ولكل نوع ضوابط وأحكام محددة.

 

-هل هناك أسس ومعايير لبناء المساجد؟

--من أسس بناء المسجد تقديم الطلب لبناء المسجد إلى مجلس الشئون الدينية، و يتم تقديم المعلومات، مثل عدد سكان المنطقة من المسلمين الذكور وألا يقلوا عن أربعين (40) رجلًا بالغًا مقيمًا في حدود المنطقة أو المحافظة؛ عملًا بالمذهب الشافعي، وهو المذهب المعتمد رسميًا في ماليزيا.

 والمساجد  في ماليزيا نوعان: إما مصلَّى صغير، تصلى فيه الفرائض الخمس ولا تقام فيه صلوات الجُمَع ولا الأعياد، وهذا لا يحتاج إلى ضوابط وشروط كثيرة،  أو المساجد  الجامعة التي تصلَّى فيها صلاة الجُمَع والأعياد وهذه تحتاج إلى ضوابط وشروط أكثر، من حيث المساحة الجغرافية وعدد المقيمين من المسلمين الذكور كما ذكرنا آنفًا.

 

-ما الأنشطة التي تقوم بها معظم المساجد في ماليزيا؟

--في مساجد ماليزيا، تكون متنوعة، فمنها  أنشطة دعوية للمؤلفة قلوبهم، وهم الذين دخلوا الإسلام حديثًا حيث توفر لهم الرعاية التامة، والمعلومات التي يحتاجون إليها لتعينهم على أداء واجباتهم الدينية، ومنها المواعظ و الدروس الدينية التي تقدم للمسلمين رجالًا ونساءً وشبابًا, ومنها عمل الموائد والأذكار في المناسبات الدينية، ومنها عمل المسابقات الدينية أو الرياضية، وغير ذلك من الأنشطة التي تفيد المجتمع.

 

-هل يوجد موقع للمسجد أو صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي، يتم رفع ما يقوم به المسجد من أنشطة، مثل الدروس الدينية وغيرها؛ ليستفيد بها أكبر عدد ممكن؟

--المساجد في ماليزيا كثيرة، منها تقوم بعمل مواقع إلكترونية أو صفحات لنشر معلومات تخص المسجد، وينشر المسجد في كل صباح الدروس التي ستقام اليوم على الموقع ومعلومات عن موضوع المحاضرة ليستفيد بها أكبر عدد، وكثير منها يقوم بعمل بث مباشر للخطب والدروس والندوات وكافة الأنشطة التي يقوم بها المسجد.

 

-هل هناك مصارف للزكاة داخل المساجد أم هناك مصادر أخرى؟

--معظم المساجد لها مصارف لجمع الأموال، وبعضها ليست مسجلة تحت مؤسسة الزكاة، ولكنها تقوم بتوزيعها بنفسها على من ترى أنهم يستحقونها، و للمساجد مصادر أخرى أيضًا مثل الأوقاف، فبعض الأعمال الناجحة هنا في ماليزيا تعتمد على (الوقف) مثل الوقف على طلبة العلم، فما يأتي من هذا الوقف ينفق منه على هذه الأعمال.  

 

-ما قصة الولائم المنتشرة بالمساجد هنا في ماليزيا؟

--المساجد في ماليزيا تقيم المناسبات: مثل عقد القرآن، ووليمة العرس، وإفطار الصائمين، وأيضًا يقومون بعمل الطعام في بعض الدروس الدينية.

 

-نرى الإمام عندما يخطب الجمعة يمسك عصًا في يده، هل لها مدلول خاص هنا في ماليزيا؟

--كما عرفت من بعض العلماء في ماليزيا أن مسك العصا عند الخطبة لها أصل شرعي من السنة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسك السيف عند الصعود على المنبر، فقاسوا العصا على السيف.

 

-لماذا  تُحرَم المرأة من صلاة الجمعة، مع أن المساجد هنا واسعة ويوجد بها أماكن، ومع ذلك لا تصلي النساء صلاة الجمعة؟

--هذه مسألة عرفية، فجرت العادة في ماليزيا كلها على أن المرأة لا تصلي الجمعة في المسجد، لكنها تصلي الصلوات الخمس إن أرادت، وتصلي صلاة العيدين في المساجد.

 

-لماذا تُصلَّى صلاة الجمعة في المسجد ولا تُصلَّى في الزوايا؟

--تبعًا للمذهب الشافعي، تُصلى صلاة الجمعة في المساجد وليس في المصلى الصغير أو الزوايا، وهذا شيء طيب أن يجتمع عدد من المسلمين أكبر ممن يجتمعون في الزوايا.

 

دروس الوعظ

-دروس الوعظ هنا في ماليزيا نراها منتشرة، فمن المسئول عن تنظيمها؟ وهل تكون بشكل تطوعي أم تابع لنظام معين؟

--الدروس في المساجد التي تحت مجلس الشئون الدينية تكون تحت رعاية المجلس، وهو الذي يحدد لهم الموضوعات على سبيل الإرشاد وليس الإلزام، أما المساجد الأهلية فإدارة المسجد هي التي تقوم بتنظيم هذه المسألة.

 

-هل يحدد لهم الموضوعات التي يتحدثون بها أم لا؟

--لا يحدد لهم على سبيل الإلزام كما قلنا، وأحيانًا يترك لهم الحرية في اختيار الموضوعات، وأما المساجد التي ليست تحت الشئون الدينية فإدارة المسجد مع الخطباء هم من يختارون الموضوعات.

 

-ما الكليات التي تقوم بتخريج واعظين للمساجد؟

--الكليات الإسلامية مثل كلية الشريعة، أصول الدين واللغة العربية والقراءات وعلوم القرآن، هي التي تخرج الوعاظ، لكن أغلبية أئمة المساجد في ماليزيا متخرجون من معاهد إعداد الدعاة التي تمنحهم  دبلوم الوعظ وإقامة الشعائر، فهم ليسوا خريجي جامعات، وبعض الجامعات في الآونة الأخيرة تدرس فيها دبلوم الإمامة وهذه الكلية لأجل تعليم وتدريب الشباب على الوعظ وإمامة المسجد و يوجد بها أيضًا دبلوم شريعة أو أصول الدين لمن لا يريد دراسة أربع سنوات في الجامعة.

 

-أرى في بعض المساجد أنه تُقام حصص مدرسية في المسجد، فما دلالة ذلك؟

--لجذب الأطفال والشباب وتحبيبهم وتعلقهم بالمسجد، ففي المسجد يتعلم الشباب العلوم النافعة، ويتربى على الأخلاق والسلوك الفاضلة، حيث يسمع الأذان، ويشاهد المصلين ويشارك معهم في أداء الصلوات.

 

-هل يسمح لغير الماليزيين بالعمل في المساجد التابعة للدولة أو في هيئات الإرشاد؟

--قليلًا ما يسمح لغير الماليزيين بسبب اختلاف اللغة والثقافة والأعراف، وإن حدث هذا ففي المساجد الأهلية فقط، لكن المساجد التابعة للشئون الدينية تخصص للماليزيين غالبًا.

 

-ما الجديد المضاف على مجال الوعظ والإرشاد؟

--الآن في مجال الوعظ والإرشاد وخاصة في المساجد يستخدمون الآت العرض الــ data show والفيديو وبعضهم يستعمل الـ power point مثلًا، حتى تكون الصورة أوضح من الصوت، وغيرها من البرامج الحديثة.

 

-هل هناك فروق جوهرية في المساجد في ماليزيا ومصر؟

--أعتقد أن أنشطة المساجد هنا أكثر، والمساجد في ماليزيا تفتح لفترة أطول ونحن نستعمل كل ما هو معاصر وحديث وآلات تكنولوجية لجذب الأشخاص، فالمسجد كأنه مركز لسكان المنطقة.

 

-نريد كلمة أخيرة من فضيلتكم في ختام هذا الحوار..

--نأمل أن تتحول المساجد في كافة الدول الإسلامية إلى مناشط للتربية والرعاية والتكافل المادي والمعنوي، وأن تستعمل كافة الوسائل الحديثة في نشر الدعوة إلى الله تعالى؛ لجذب المسلمين، خاصة الشباب من الجنسين إلى المساجد عن طريق الأنشطة التربوية والعلمية والثقافية التي تعيد إلى المسجد دوره، كما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وسلفنا الصالح.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم