Business

حنان عطية تكتب: وسائل التواصل الحديثة.. هل ترفع نسبة الطلاق؟

رغم التطور الكبير، والانتشار الواسع لوسائل التواصل المختلفة، وقدرة الناس على الاتصال ببعضهم، بالصوت والصورة، في أي وقت وأي مكان مهما كان بعيدًا، إلا أن الناس تعساء، والكثير من العلاقات الاجتماعية تعاني التفكك والانهيار.

اليوم ورغم الطفرة المجنونة في وسائل الاتصال، واختصارها للزمان والمكان، وتحقيقها لملايين المصالح والمعاملات، إلا أن ذلك كله انعكس سلبًا على قدرة الناس على التواصل الاجتماعي والإنساني الفعال والمثمر، مسببة تعاسة ووَحدة لا مثيل لها للإنسان، لدرجة أن أخصائيين في العلاقات الزوجية يؤكدون أن كثيرًا من نسب الطلاق الواقعة مؤخرًا سببها عدم قدرة الزوجين على التواصل اللازم لإحياء العلاقة الإنسانية بينهما.

وتؤكد أخصائية الإرشاد الأسري هويدا الدمرداش أن معظم حالات الطلاق التي تمر عليها، لا تأتي بسبب العنف ضد الزوجة أو بسبب الفقر، وإنما على العكس تأتى بين أزواج يحبون بعضهم البعض، ولكنهم مفتقدون للتواصل الصحيح واللازم، لإبقاء الشراكة الزوجية على قيد الحياة!

في السابق كانت الزوجة لديها مجتمعًا متواصلًا بشكل إيجابي باللحم والدم، يتمثل في مجتمع الأهل والجيران والأصدقاء، وكانت تجد فيه سلواها عن غياب الزوج، أما اليوم فقد غدا الجميع، وغدوا جميعًا مثل صورة الزوج الولهان بجواله أو حاسوبه الشخصي (اللاب توب)، فأصبح الموسم الاجتماعي مجرد تحويل بنكي إلكترونيًا، والتهنئة والعزاء إلكترونيًا، وأصبحت القلوب مجرد رسم ملون يسمونه (إيموشن)، وتُركت البيوت مهجورة والعلاقات صامتة وهشة، تنظر فقط صرخة لترديها مطلقة!

ورغم كثافة الحالة الاتصالية بين الناس لكنها لم توظَّف لخدمة المشاعر وتعزيز فرص الالتقاء والتفاهم، وهذا ليس بعيب في الوسائل، وإنما عيب في التوظيف، إذ تعاني كثير من الأسر غياب لغة الحوار سواء فيما بينها، أو مع الزوج الذي يعود من عمله مستلمًا جهاز الحاسوب أو الجوال، مكملًا الاتصال بالعالم الخارجي، سواء كان هذا العالم معلومات أو بشر أو أعمال، دون أن يمنح أسرته فرصة الالتقاء المناسب لموقعها في حياته.

في الماضي، كانوا يتندرون في رسوم الكاريكاتير بصورة الزوج الذي ينشغل عن زوجته وأبنائه بتصفح الجرائد، وفى المقابل تجلس بجواره زوجة تهمل شكلها وقوامها، منذرين بتضرر العلاقة الزوجية الوشيك، وانهيار البيوت والمجتمع نتيجة لذلك، أما اليوم فقد أصبح الأمر أكثر سوءًا، فالحاسوب الشخصي أو الجوال بجوار الزوج، لا يفارقه لا في نوم ولا في يقظة، بينما العائلة خارج نطاق الخدمة تمامًا.

قبل ذلك، كانت علاقات الناس داخل دوائرهم الاجتماعية والإنسانية، تتسم بالدفء والعمق، والتعاون والتكافل، رغم ندرة وجود وسائل الاتصال، حيث كان الاتصال يعني قطع المسافات بالجسد والسيارة، لإجراء اتصال مباشر بشخص أو أشخاص نود الاطمئنان عليهم، أو إبلاغهم بأننا نحبهم، أو نريد قضاء بعض الأوقات معه.

لم يكن في الماضي سوى البريد والتلغراف والتليفون، ورغم ذلك كان الناس لا يرتضون بغير التواصل المباشر بديلًا، وكانوا يلجؤون إلى تلك الوسائل في أضيق الحدود، مفضلين اقتراب الأجساد والأرواح، وتلاقي العيون والقلوب، والتماس الهدايا المادية التي تعبر عن الحب والمودة والقرب.

كانت التقاليد تصنع مناسبات اجتماعية اضافية، كانوا يصنعون بها فرص التلاقي، فهذا موسم شعبان، وموسم رجب، وموسم المولد النبوي الشريف، وموسم رمضان، وموسم عيد الأضحى، وموسم عيد الفطر، وموسم شم النسيم، وكانت كل هذه المناسبات تحقق تواصلًا اجتماعيًا فعالًا بين الآباء والأبناء، منتجة صورة جميلة لتواصل الأجيال، الذي يعزز فرص الحياة الصحية.

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم