الآثار التربوية العملية لطلاب الإخون في المجتمع وأهم رموزهم

 

إعداد: عبده مصطفى دسوقي

إن كل فرد مسلم مسئول مسؤولية كاملة وتامة عن نفسه أمام الله عز وجل، مسئول عن حاله وعمله وما أدى من واجبات تجاه نفسه وأمته. هكذا صنف الأستاذ البنا المسئولية، وعلى هذا كان لابد لهذا الفرد المسلم من تربية ذاتية (فردية) لنفسه مستمدة من كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، لأنه بدون هذه التربية الفردية لنفسه تصبح هذه النفس هالكة، وأما صلاحها فهو سبيل النجاة والفلاح، حيث أن صلاح النفس بالتربية لا ينعكس أثره فقط على الفرد ذاته ولكن ينعكس أيضا على أهل بيته وجيرانه ومجتمعه وبلده وأمته وعلى الدنيا كلها.

إن تكوين الأمم، وتربية الشعوب، وتحقيق الآمال، ومناصرة المبادئ، تحتاج من الأمة- التي تحاول هذا أو من الفئة التي تدعو إليه على الأقل- قوة نفسية عظيمة تتمثل فى عدة أمور: إرادة قوية لا يتطرق إليها ضعف، ووفاء ثابت لا يعدو عليه تلون ولا غدر، وتضحية عزيزة لا يحول دونها طمع ولا بخل، ومعرفة بالمبدأ وإيمان به وتقدير له، يعصم من الخطأ فيه والانحراف عنه والمساومة عليه والخديعة بغيره([1]).

ولقد عبر عن مدلول هذه التربية وتفاعل الطلاب بها في كلمات الدكتور القرضاوي الذي نشأ وترعرع في أحضان قسم الطلبة وانصهر في المجتمع فبرزت التربويات التي عاشها وسط القسم على من حوله، فعبر عن ذلك بقوله: «إن التربية الإخوانية لا تضع كل اهتمامها في الناحية الروحية أو الخلقية التي يعنى بها المتصوفة والأخلاقيون، ولا تقصر كل جهودها على الناحية الفكرية التي يهتم بها الفلاسفة والعقليون، ولا تجعل أكبر همها في التدريب والجندية كما يصبغ المصلحون الاجتماعيون، إنها في الواقع تهتم بكل هذه الجوانب، وتحرص على كل هذه الألوان من التربية، ذلك أنها تربية للإنسان كل الإنسان، عقله وقلبه وروحه وبدنه، خلقه وسلوكه، كما أنها تعد هذا الإنسان للحياة بسرَّائها وضرّائها، سلمها وحربها وتعده لمواجهة المجتمع بخيره وشره، حلوه ومرّه([2]).

 

خطوط الانتشار في المجتمع

عمدت التربية الإخوانية إلى إحياء القلوب حتى لا تموت، وعمارتها حتى لا تخرب، وترقيقها حتى لا تقسو، ولذا لم يكن مجتمع الطلاب مجتمعا منغلقا على نفسه ولم يقتصر تأثيرهم في محيط دراستهم أو جامعتهم لكنهم انتشروا في كل القرى والنجوع والأحياء يرسخون في النفوس المعاني التي تربوا عليها لكنهم كان لهم أطر ساروا عليها ومنها:

1- التربية على النجاح المقترن بالإيمان، فقد كان يحفز أبناءه على النجاح والتفوق.

2- تعديل السلوك بطريقة عملية قائمة على الإقناع.

3- التشجيع على الاختلاط بالناس والانفتاح المنضبط، فالانفتاح والتعامل مع الناس، عامل أساس في التنشئة السليمة.

4- الاهتمام بالبناء العلمي والثقافي.

5- الاهتمام بالتربية الترويحية، فالترويح عن النفس، من العناصر المهمة والأساسية في بناء الشخصية السوية([3]).

 

التأثير العملي للتربية

كما تحدثنا من قبل كان الإمام البنا يهدف لتربية المجتمع فلم تقتصر تربيته على فئة معينة ولذا وجدنا وسط الجماعة كل أطياف المجتمع المختلفة والبيئات المتعددة، والأمزجة المتنوعة، لكن الجميع انصهر في بوتقة تربوية واحدة، اختفى معها ووسطها كل مظاهر التنوع والاختلاف، وقد تحقق للبنا ما أراد حينما قال: «فاعلم أن الغرض الأول الذى ترمى إليه جمعيات الإخوان المسلمين (التربية الصحيحة)، تربية الأمة على النفس الفاضلة، والخلق النبيل السامى، وإيقاظ ذلك الشعور الحى الذى يسوق الأمم إلى الذود عن كرامتها، والجد فى استرداد مجدها، وتحمل كل عنت ومشقة فى سبيل الوصول إلى الغاية([4]).

1- التفوق الدراسي

«أيها الإخوة الأطهار، إن أول سلاح تؤيدون به دعوتكم، وتضمنون به النصر على عدوكم هو سلاح العلم والعرفان»، كانت هذه الكلمات التي تكلم بها الإمام البنا فحرص طلاب الإخوان على أن يتفوقوا فى دراستهم، ويكونوا نموذجا مشرفا لكل الطلاب سواء في كلياتهم أو مدراسهم أو أمام أبناء قراهم، ولم يقتصر هذا الأمر على سنوات بداية الدعوة لكننا رأينا في كل عام تفوق طلاب الإخوان المسلمين نتيجة للتربية التي تربو عليها. ففي الشهادة العالية بكلية الشريعة عام 1946م ينجح الأخ زكريا أحمد البرى وكان ترتيبه الأول، وفى كلية الهندسة تفوق أحمد مصطفى عبد الوارث وكان ترتيبه الأول بامتياز، وأوفدته وزارة المعارف لأمريكا للتخصص في الشئون الصحية، وهو من إخوان منيل الروضة([5]).

كما أننا نرى الدكتور محمد بديع ورشاد البيومي ومعظم أعضاء هيئات التدريس حاليا هم إخوان مسلمون نتيجة تفوقهم الدراسي.

2- جهود الطلاب الدعوية

لم يتوقف الطلاب في نطاق جامعتهم يعملون فيها فحسب لكنهم استشعروا المسئولية تجاه بلدانهم فما كادت الدراسة تنتهي حتى ينطلق الطلاب إلى بلادهم لينشروا الفكرة بل اعتمدوا منهجا منظما لزيارة القرى والنجوع والأحياء لدعوة الناس وتعريفهم بالفهم السديد للإسلام وقد نظموا هذا الأمر بعمل لجان منظمة وكانت كالتالي:

اللجان:

(1) لجنة أ: من حضرتي محمد عبد الحميد أفندي بالآداب، ومصطفى أبو رية أفندي بالهندسة؛ مديرية البحيرة ومراكزها كفر الدوار، أبو حمص، دمنهور رشيد، المحمودية، الدلنجات، شبراخيت، إيتاي البارود، كوم حمادة، أبو المطامير.

(2) لجنة ب: من حضرتي أحمد رفعت أفندي بكالوريا، وعلي أفندي مطاوع بالطب؛ مديرية الغربية ومراكزها، فوه، ودسوق، وكفر الشيخ، كفر الزيات، طنطا، المحلة الكبرى، طلخا، السنطة، زفتى، شربين.

(3) لجنة جـ: من حضرتي طاهر عبد المحسن أفندي بالتجارة، إبراهيم أبو النجا أفندي بالطب؛ مديرية الدقهلية ومحافظة دمياط ومراكز الدقهلية هي، فارسكور، دكرنس، المنزلة، المنصورة أجا، ميت غمر السنبلاوين.

(4) لجنة د: من حضرتي صديق أفندي أمين بكالوريا ومحمد أفندي سليمان بالطب؛ مديريات الجيزة والفيوم وبني سويف ومراكزها، الجيزة، العياط، الصف، الفيوم، أطسا، سنورس، ابشواي، بني سويف الواسطة، ببا.

(5) لجنة هـ: من حضرتي حسن أفندي السيد بالحقوق وعبد الحكيم عابدين أفندي بالآداب؛ المنيا ومراكزها الفشن، مغاغة، بني مزار، سمالوط، المنيا، أبو قرقاص، ويضاف إليها من أسيوط ملوي، وديروط، ومنفلوط فقط.

(6) لجنة و: من حضرتي أحمد فتحي سليمان أفندي بالتجارة وعبد المحسن أفندي الحسيني بالآداب؛ بقية أسيوط ومديرية جرجا والمراكز هي أسيوط، أبنوب، أبو تيج، البداري، جرجا، طما، طهطا، سوهاج أخميم، جرجا البلينا.

(7) لجنة ن: من حضرتي شاكر أفندي محمد حسن وفهمي أبو غدير أفندي بالحقوق؛ مديريتي قنا وأسوان ومراكزها: نجع حمادي، دشنا، قنا، قوص، الأقصر، إسنا، إدفو، أسوان.

(8) لجنة ح: من حضرتي الشيخ حامد شريت والشيخ عبد الباري خطاب بالأزهر؛ المنوفية والقليوبية ومراكزها، شبين الكوم، وقويسنا، ومنوف، وتلا، وأشمون، وشبين القناطر، وطوخ، وبنها، وقليوب.

(9) لجنة ط: من حضرتي الشيخ محمد البنا والشيخ نور الدين سليم بالأزهر؛ الشرقية والقنال ومراكزها الزقازيق، منيا القمح، بلبيس، ههيا، كفر صقر، فاقوس، السويس، الإسماعيلية، بور سعيد.

(10) لجنة ي: من حضرتي الشيخ محمد أحمد شريت بالأزهر ويعاونه الشافعي أفندي؛ بالآداب الإسكندرية. ([6]).

3- الدور الإعلامي لطلاب الإخوان

أفسح الإمام البنا المجال للطلاب للتعبير عن آرائهم في صحف الإخوان المسلمين، وخصص لهم صفحة لتكون منطلقا لنشاط هؤلاء الطلبة، ويحررها مجموعة من الطلاب تحت عنوان (تحت المجهر) وكان ممن كتب فى صحفية الطلبة ماهر عارف قنديل الطالب بكلية الآداب وكتب تحت عنوان (أين استقلال الجامعة)، وكان قد سبقه في القسم محمد عبد الحميد أحمد وعبد الحكيم عابدين وسعيد رمضان([7]).

4- زيارات تعارف

لم يقتصر طلاب الإخوان على أنفسهم بل نشدوا التعارف على كل من يقابلونه في الجامعة أو مدنهم، بل كانوا يفيدون بعض الطلاب لزيارة من تعرفوا عليهم في إطار ما يسمى الدعوة الفردية وتوثيق عرى المحبة بينهم، ومثل هذه الزيارات التي قام بها الأستاذ محمد فريد عبد الخالق مندوب قسم الطلبة بصحبة الأخوين مصطفى مؤمن (طالب الهندسة) ويونس الأنصارى؛ فقد قاموا بزيارة مناطق بنى سويف والمنيا والفيوم حيث تفقدوا حال الطلاب، وزودوهم بالتوجيهات اللازمة([8]).

5- دور الطلاب في حرب فلسطين

أعلنت بريطانيا أنها ستنسحب من الأراضي الفلسطينية في 15 مايو 1948م ومع انسحابها أمددت اليهود بكل عناصر القوية للسيطرة على الأرض فانتفض الإخوان وبالتعاون مع مفتي فلسطين أمين الحسيني وأمين عام جامعة الدول العربية عبد الرحمن عزام فكونوا الكتائب التي أذاقت اليهود الويل في حرب فلسطين والتي كان في مقدمتها طلبة الإخوان بل كان أحد الطلاب من ضمن مجموعة القادة وهو حسن دوح، ويصف الأستاذ مصطفى مشهور ذلك بقوله: «ومن ثمار تلك التربية استجابة الإخوان للجهاد في فلسطين ضد عصابات صهيون ولولا التآمر الدولي وحل الإخوان في مصر لكان لقضية فلسطين شأن آخر، كما أنهم جاهدوا في قناة السويس ضد الإنجليز وظهرت بطولات رائعة في هذين الميدانين أذهلت وأفزعت الأعداء».

6- دورهم في حرب القنال 1952م

برزت التربية الطلابية وأثرها في مثل هذه المواقف فما كاد مصطفى باشا النحاس رئيس الوزراء يلغي معاهدة 1936م من طرف واحد حتى انطلق الطلاب يحملون قلوبهم فداء لوطنهم ومجتمعهم وفتحت الجامعات أبوابها في تدريب الطلاب فكانت جامعة الملك فؤاد (القاهرة) وجامعة إبراهيم باشا (عين شمس) وجامعة الملك فاروق (الإسكندرية) وانطلق الطلاب يدكون معاقل المحتل البريطاني فكانوا نجوما في سماء الهداية والشهادة ومنهم الشهيد عمر شاهين (كلية الآداب) وأحمد المنيسي وعادل غانم وهم شهداء معركة التل الكبير([9]).

7- دورهم في القضية المصرية

كانت الجامعات والمدارس مسرحا منددا بالاستعمار وسياسته، فتحركت المظاهرات وعقدت المؤتمرات للمطالبة بتحرير الأوطان فنراهم في مظاهرات 1946م على كوبري عباس وغيرها الكثير حتى أنهم أجبروا وزارة النقراشي باشا على الاستقالة لتخاذله في التعامل مع القضية المصرية.

كما تزامن مع تولى السادات الحكم حالة فوران مجتمعى للمطالبة بالحرب مع إسرائيل وتحرير سيناء، وكانت الحركة الطلابية فى قلب هذه الحالة من الفوران.

فقد شهدت معظم فترة السادات تحركات طلابية ضخمة لما شاب هذه الفترة من سياسات يمينية وقد ابتلت هذه السياسات مصر والوطن العربي كله بأشياء كثيرة منها معاهدة الذل والخيانة التي وقعها مع العدو الصهيوني في كامب ديفيد.. ولكي يرتاح السادات من هذه التحركات الطلابية التي تعبر عن ضمير الأمة وقلبها النابض أصدر السادات لائحة 1979م التي ألغى من خلالها اتحاد طلاب الجمهورية.

8- الأعمال التطوعية

لم يكن طلاب الإخوان بعيدين عن الأحداث التي تحدث في بلادهم ولا الأمراض التي استشرت وسط هذا المجتمع سواء البغاء أو السفور أو الانحلال وغيرها فكان لهم دور تثقيفي ومعرفي لنشر الوعي وسط الناس.

فقد طالب الإخوان بعدم الاختلاط خاصة في الجامعة حيث يكون الطلاب في سن خطرة، وقد أيدوا مطلب محمد العشماوي باشا في إنشاء جامعة خاصة للفتيات([10]).

وعندما ظهر مرض الملاريا بقنا وأسوان انتفض الإخوان وطلابهم لهذه الكارثة الصحية، وتعاملوا على الموقف وحثوا الناس على التعاون سواء فقراء أو أغنياء ([11]).

9- محو الأمية

لقد عمد الإخوان لمحو أمية المجتمع وقد استفادوا من قسم الطلاب حيث وفرة العدد ومؤهلاتهم لهذا الأمر فانتشروا في الربوع يناشدون الناس الإقبال على الدروس الليلية لمحو أميتهم.

ولذلك أصبحت شُعب الإخوان في كافة أنحاء القطر المصري مدارس ليلية يتوافد عليها العمال والأميون لتعلم القراءة والكتابة وذلك مجانًا، وكان عماد هذه المدارس من طلاب الإخوان ([12]).

وتبنى مكتب الإرشاد العام مشروعًا قوميًّا لمحاربة الأمية بطريقة المعلم الجوال، وأشاروا إلى أن الغاية من هذا المشروع هو القضاء على الأمية بتجنيد أكبر عدد ممكن من الإخوان المسلمين لتعليم أكبر عدد ممكن من الأميين القراءة والكتابة، مع العمل على رفع مستواهم الروحي والثقافي.

وطريقة المعلم الجوال هي أن يقصد المعلم ومعه مساعد له إلى المكان المختار، ومعهما الأدوات اللازمة لتعليم عشرين شخصًا، وتلك الأدوات عبارة عن سبورة خفيفة تطوى وتنشر، وعشرين لوحًا من الأردواز، وعشرين كتابًا من كتب المطالعة الأولية، ثم يحضر المعلم الراغبين في التعلم ويسجل أسماءهم في دفتر عنده، ويحدد لهم الوقت والمكان الذي سيتعلمون فيه، ويتردد عليهم ثلاث مرات أسبوعيًّا على الأقل، وتشترى هذه الأدوات من مال شعب الإخوان المسلمين التي تباشر تنفيذ هذا المشروع، وقد بدأ هذا المشروع في الإجازة الصيفية للعام الدراسي 1939-1940م([13]).

زاد اهتمام الإخوان بمحو أمية الشعب فأنشؤوا فصول محو الأمية، وشجعوا الناس على التقدم إليها، فقد افتتح قسم البر والخدمة الاجتماعية معهدا للدراسات الشعبية فى شعبة عابدين واحتوى هذا المعهد على فرع لمكافحة الأمية، وفصول لتحفيظ القرآن الكريم، ولقد نشط فرع مكافحة الأمية بالشعبة فأنشأ مدرسة ليلية بلغ عدد المتقدمين إليها ما يزيد عن 300 دارس ويقوم على هذه المدرسة مجموعة من مدرسي الإخوان ويقومون بتدريس القراءة والكتابة والحساب والدين([14]).

 كما قامت شعبة الأوبرطين بمنطقة طنطا بفتح مدرسة لمحو الأمية ومكتبا لتحفيظ القرآن مما كان له أثر بليغ فى نفوس الناس([15])، وفى قنا وأسوان أنشأ الإخوان بها قسمين لمكافحة الأمية أحدهما نهارى والثانى ليلى([16]). كما قام قسم البر والخدمة الاجتماعية بشعبة الجمالية بافتتاح فصول لمحو الأمية ورفع مستوى الثقافة لدى أهالي الحى، وكان يقوم بالتدريس فيها نخبة من الإخوان المثقفين([17]).

كما افتتح الإخوان المسلمون بالقرين شرقية قسما لمحو الأمية وكان الإقبال عليه شديدا نتيجة لحسن نظامه ورغبة أهل البلد فى القضاء على الأمية([18]).

10- معاونة الطلاب دراسيًا

لم يقتصر دور طلاب الإخوان على محو أمية غير المتعلمين لكنهم اعتنوا بالطلاب بمعاونة الطلاب الضعفاء دراسيًا لرفع مستواهم وإقالة عثرتهم الدراسية، وكان هذا الاهتمام يبدأ من المراحل الأولى للتعليم وحتى التعليم الجامعي؛ ففى شعبة الجيزة، شارع عبد المنعم، حارة أبو صيرى، وشعبة السيدة زينب رقم 13شارع الناصرية، وشعبة الظاهر 26شارع السكاكينى، وشعبة شبرا 75شارع المقسى أمام مخزن ترام شبرا؛ حث الإخوان الطلبة على تقديم الطلبات للالتحاق بهذه الدروس، فمثلا قامت هذه الشعب بتدريس اللغة الفرنسية لطلبة الحقوق والثانوي، وجميع العلوم للابتدائي والثانوي ([19]).

ليس ذلك فحسب لكننا رأينا طلاب الإخوان في السبعينات وقت أن كان السفور على أشده حرص هؤلاء الشباب على إحياء الشعائر الدينية والمناسبات الإسلامية فكانت صلاة العيد في الخلاء والتي كانت تهز أركان وجنبات المدن والقرى، كما انتشر الحجاب وسط بنات الجامعات والمدارس وأصبح لافتا لنظر الجميع حتى ضجر المجتمع العلماني من هذه الظاهرة التي انتشرت فسموا ذلك بالغزو الإسلامي.

لم تتوقف جهود الطلاب على زمن لكن عمد الطلاب في كل قرية ومكان لنشر هذا الخلق المستقيم وسط بيته ثم مجتمعه حتى خرجت حملات تربوية وأخلاقية مثل حملات:

  1. حملة (يلا نحب بجد)؛ لتصحيح مفهوم الحب والعلاقة بين الطلبة والطالبات.
  2. حملة (جدد حياتك)؛ لتكوين جيل من الشباب يتمتع بمقومات النجاح.
  3. حملة (راقي بأخلاقي)؛ لتصحيح بعض القيم السلبية الغير لائقة بالحياة الجامعية.
  4. حملة (بادر)؛ لتشجع الطلاب على الاهتمام بالشأن العام وتقديم المصلحة العامة على الخاصة وتنفيذ مجموعة من المشاريع الخدمية.

وكان لهذه الحملات مردود عظيم على طلاب الجامعات والمدارس.

 

كيف استفاد المجتمع من طلاب الإخوان

حرص قسم الطلاب على تربيه أبناءه تربية إسلامية شاملة لتعود على المجتمعات بالخير وبالنفع وهذا ما برز جليا في تفوقهم، فأصبحوا مصابيح نورانية تضيء للجميع نور المعرفة.

حرص طلاب الإخوان على التفوق الدرسي والعلمي وهو ما شدد عليه البنا بقوله: «ومن واجبكم كذلك أن تنتهزوا هذه الفرص المتاحة لكم الآن؛ فتمتلئوا بالعلم ما استطعتم، وتنهلوا من موارده العذبة ما قدرتم، وتحرصوا على الدقائق والساعات؛ فلا تصرفوها إلا فى استذكار علم قديم، أو تحصيل علم جديد، وبذلك تغادرون مدارسكم ومعاهدكم موفورى الكرامة، مرفوعى الرءوس، مملوئين بالعلم والمعرفة، نافعين لأنفسكم ولدعوتكم ولدينكم ولبلادكم([20]).

وقد أثمرت تلك السياسة تفوق العديد من الإخوان فكانوا أوائل كلياتهم مثل دكتور عبد المنعم أفندى أبو الفضل، وكان ترتيبه الأول فى دبلوم الصيدلة، وعبد العزيز كامل أول ليسانس قسم الجغرافيا بكلية الآداب، وتوفيق الشاوى في كلية الحقوق وغيرهم الكثير ([21]).

وفى كلية الهندسة تفوق أحمد مصطفى عبد الوارث وكان ترتيبه الأول بامتياز، وأوفدته وزارة المعارف لأمريكا للتخصص في الشئون الصحية، وهو من إخوان منيل الروضة ([22]).

وإذا دققنا جيدا في المحيط الاجتماعي ستجد طلاب الإخوان أصبحوا صورا وشامات لها دور بارز في جميع المجالات الخدمية التي عادت على العالم بالنفع. ولنتوقف لحظات مع من هؤلاء وما دورهم؟

 الطالب حسن البنا نفسه الذي استطاع من خلال مسيرة حياته التي لم تتجاوز أربعين عاما أن يترك جماعة لها بصماتها في كل مجال.

أ - في مجال الفقه:

أيضا الشيخ يوسف القرضاوي والذي برز في مجال الفقه ولا يخفى دوره وجهوده على أحد وقد شاركه في هذا المجال الشيخ السيد سابق الذي ترك كتبا في الفقه يكاد كل بيت لا يخلوا منها وهي كتب فقه السنة، والدكتور مصطفى السباعي (مراقب الإخوان بسوريا) والذي تخرج في الأزهر عام 1941م وأسس كلية الشريعة في جامعة دمشق عام 1955م وله مؤلفات كثيرة، ومصطفى الزرقا عالم سوري من أبرز علماء الفقه ويعتبر حجة في الاجتهاد مثل قضايا البنوك والتلقيح الاصطناعي والبيوع الحديثة، حصل على جائزة فيصل، وقال الشيخ يوسف القرضاوي: علماء الشام الكبار أربعة: مصطفى السباعي، ومصطفى الزرقا، ومحمد المبارك، ومعروف الدواليبي.

وفي الوقت الحالي نجد الدكتور عبد الرحمن البر أستاذ الحديث والدكتور عطية فياض أستاذ الفقة المقارن والدكتور صلاح سلطان.

ب- في مجال الطب:

يأتي على رأس هؤلاء الدكتور حسان حتحوت والذي التحق بقسم الإخوان عام 1940م وشارك في حرب فلسطين كطبيب. وعمل بمصر والسعودية والكويت والتي مكث بها طويلا مشاركا في تأسيس كلية الطب ورئاسة قسم أمراض النساء والتوليد هناك، وله نشاط كبير في تقديم الإسلام في أمريكا بصورته الصحيحة وصد هجوم الغربيين واللوبي الصهيوني علي المسلمين هناك، وقام بصلاة عيد الفطر في حديقة البيت الأبيض عام 1999.

الدكتور محمد بديع عبد المجيد (مرشد الإخوان) أستاذ علم الأمراض بكلية الطب البيطري بجامعة بني سويف، ومؤسس المعهد البيطري العالي في الجمهورية العربية اليمنية، صنفته الموسوعة العلمية العربية التي أصدرتها الهيئة العامة للاستعلامات المصرية في 1999م، كواحد من (أعظم مائة عالم عربي).

والآن نجد الدكتور عصام العريان الأمين العام المساعد السابق لنقابة الأطباء والدكتور محمد البلتاجي الذي كان رئيسا لاتحاد طلاب كلية طب الأزهر والدكتور أسامة رسلان، ودور لجنة الإغاثة في مصر والعالم الإسلامي وغيرهم العشرات من الإخوان المسلمين.

جـ - التفسير

يأتي على رأس المفسرين في العصر الحديث الشيخ سيد قطب صاحب الظلال، وما تركه هذا التفسير من إطلالات معاصرة للقرآن الكريم.

ونجد الآن الدكتور عبد الستار فتح الله سعيد، والدكتور عبد الحي الفرماوي

د - السيرة النبوية

 يأتي على رأسهم الشيخ محمد الغزالي والذي انضم للإخوان وقت أن كان طالبا حتى أنه تولى مسئولية نشر الدعوة بعد تخرجه، وأيضا الدكتور منير الغضبان المراقب العام لإخوان سوريا والذي حصل على جائزة سلطان بروناي للسيرة النبوية 2000م.

م- الأدب الإسلامي

يأتي على رأسهم الدكتور نجيب الكيلاني رائد الأدب الإسلامي والذي التحق بالإخوان عام 1948م واعتقل عام 1954م وحكم عليه بـ 15 عام وخرج بعد أن قضى بالسجن 40 شهرًا. بعفو صحي، وحصل على الميدالية الذهبية من الرئيس الباكستاني 1978م وحصل على جائزة الرواية 1958 والقصة القصيرة، قال عنه نجيب محفوظ في عدد أكتوبر عام 1989: «إن نجيب الكيلاني هو منظّر الأدب الإسلامي الآن».

وعمر بهاء الدين الأميري من أعلام جماعة الإخوان المسلمين شاعر ودبلوماسي سوري من مدينة حلب، تعرف على الإمام البنا وشارك في حرب فلسطين وأصبح سفيرا لبلاده، هذا غير عصام العطار وعلي الطنطاوي.

ن- القانون

يأتي الطالب توفيق الشاوي حيث شارك في تأسيس بنك فيصل الإسلامي بالخرطوم والقاهرة، وسعيد رمضان بكلية الحقوق وزوَّج ابنَه الإمامُ البنا والذي سافر لجنيف وأسس المركز الإسلامي فيها وأحد مؤسسي رابطة العالم الإسلامي.

أيضا حسن دوح والذي كان قائد المتطوعين في حرب فلسطين وحرب القنال عام 1951م والذي تخرج في كلية الحقوق وأيضا الشهيد عبد القادر عودة.

هـ- الاقتصاد الإسلامي

نبغ في هذا المجال الدكتور عيسى عبده رائد الاقتصاد الإسلامي والبنوك الإسلامية، والدكتور حسين حسين شحاتة، وأستاذ الاقتصاد الإسلامي الدكتور عبد الحميد الغزالي، وفقيه المعاملات المالية عبد الستار أبو غدة.

و- العلوم الشرعية

يأتى على رأسهم الشيخ محمد محمود الصواف والذي التحق بقسم الطلاب وتخرج في قسم الشريعة عام 1943م وقال عنه الإمام مصطفى عبد الرازق شيخ الأزهر في حينه: «يا ولدي لقد فعلت ما يشبه المعجزة، لأنه حصل على الدراسة في 3 سنوات بدلا من 6 سنوات».

ى- الهندسة

وفيه الدكتور محمد كمال خليفة والذي حكم عليه بالمؤبد واستعان به عبد الناصر بخصوص السد العالى، وأيضا الدكتور حسين كمال الدين أحمد إبراهيم العالم الفلكي الطبوغرافي المسَّاح، شارك في إنشاء كلية الهندسة ببغداد.

والآن نجد باسم عودة والذي تخرج في كلية هندسة القاهرة وأصبح وزيرا للتموين فيما بعد، والمهندس خيرت الشاطر والذي كان معيدا بكلية الهندسة غير أن السادات أصدر قرارا بفصله من هيئة التدريس.

لقد خرَّج قسم الطلاب سواء في جانب التربية والتعليم أو الجانب الأزهري الكثير من العلماء الذين أتحفوا العالم بعلمهم وتركوا بصمات في مجالات عدة، ولم يقتصر القسم على هؤلاء بل أخرج الكثير ومنهم الدكتور محمد رشاد البيومى أستاذا فى كلية العلوم والذي شهد له الجميع.

ولنحصر عدد من هؤلاء العلماء الذين أنجبهم قسم الطلاب وتركوا بصمات على أرض الواقع ومنهم الدكتور محمد مرسي كلية هندسة الزقازيق وعضو مكتب الإرشاد ثم رئيسا لجمهورية مصر العربية، والدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب بعد ثورة 25 يناير في مصر، الدكتور عصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية، والدكتور مدحت عاصم أستاذ في كلية طب القاهرة، والدكتور محمود أبو زيد أستاذ بكلية الطب، والدكتور محمود غزلان، والدكتور محمود عزت أستاذ فى كلية الطب ونائب المرشد، والدكتور عصام عبدالمحسن عميد كلية طب الأزهر (بنين) بالقاهرة، والشيخ ياسر العقيلي أستاذ الفقه المقارن بفرع أسيوط وعضو مجلس الشورى، وإبراهيم العراقي أستاذ المسالك في كلية الطب بجامعة المنصورة، والدكتور هشام سلام مدرس بقسم الجيولوجيا في كلية العلوم وحاصل على الدكتوراه من جامعة كامبردج ومدير مركز الأحافير الفقارية بالجامعة وهو المركز الأول من نوعه فى الشرق الأوسط، والدكتور على عبدالعزيز عميد كلية الزراعة ورئيس مجلس إدارة نادى أعضاء هيئة التدريس بجامعة المنيا، والدكتور على عمران أستاذ بمركز البحوث الزراعية وعضو مجلس الشعب عن دائرة سمالوط، وعلى بركات نقيب مهندسي الإسكندرية وأستاذ متفرغ فى كلية الهندسة؛ وغيرهم الذين ما زالت بصماتهم وآثارهم موجودة في خدمة المجتمع.

 

الجزء الأول من الدراسة: 

الجزء الثاني من الدراسة: 

 

الهامش:

([1]) رسائل الإمام البنا، رسالة إلى أي شيء ندعو الناس، مجلة الإخوان المسلمين الأسبوعية، العدد الثانى، السنة الثانية، 26 محرم 1353 - 11مايو 1934، ص(1-3).

([2])التربية الإسلامية ومدرسة حسن البنا، يوسف القرضاوي، مكتبة وهبة - مصر. الطبعة الخامسة 1425هـ - 2004م، صـ 23

([3])معالم الفكر التربوي لدى الإمام الشهيد حسن البنا، أ.د. محمود خليل أبو دف (أستاذ أصول التربية بالجامعة الإسلامية بغزة)، 2010م.

([4]) رسائل الإمام البنا، رسالة هل نحن قوم عمليون، مجلة الإخوان المسلمين الأسبوعية، العدد (17)، السنة الثانية، 20 جمادى الأولى، 1353ﻫ- 31 أغسطس 1934م، ص(3-6).

[5] - الإخوان المسلمون اليومية، 170سنة 1/ 30ذو الحجة1365هـ, 24/11/ 1946ص2

([6]) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية – السنة الرابعة – العدد 10 – 26ربيع أول 1355هـ / 16يونيو 1936م.

[7] - مجلة الإخوان المسلمون الأسبوعية العدد 85 السنة 4، 8 صفر 1365هـ، 12/1/1946م، ص 14، 15.

([8]) مجلة الإخوان المسلمين – السنة الثالثة – العدد 65 – صـ21 – 1رمضان 1364هـ / 9أغسطس 1945م.

([9])تاريخ الحركة الطلابية بجماعة الإخوان المسلمين (1933- 2011)، عبده مصطفى دسوقي، السعيد رمضان العبادي، دار اقرأ للنشر والتوزيع، 2011م.

([10]) مجلة الإخوان المسلمين النصف شهرية، العدد (37)، السنة الثانية، 26جمادى الآخرة 1363ﻫ/ 17يونيو 1944م، ص(2).

([11]) مجلة الإخوان المسلمين، العدد (28)، السنة الثانية، 17صفر 1363ﻫ/ 12فبراير 1944م، ص(8، 18).

([12]) جريدة الأهرام، العدد (19567)، السنة (65)، 14محرم 1358ﻫ/ 5مارس 1939م، ص(12).

([13]) مجلة التعارف، العدد (13)، السنة الخامسة، 11ربيع الآخر 1359ﻫ/ 18مايو 1940م، ص(11).

[14] - مجلة الإخوان المسلمين الأسبوعي العدد 116 السنة 4/ 27 رمضان 1365, 11/8/1946 غلاف المجلة.

[15] - جريدة الإخوان المسلمين اليومية العدد 142 السنة 1/24 ذو القعدة 1365هـ, 19/10/1946 ص4.

[16] - المصدر السابق العدد 157 السنة 1/15 ذو الحجة 1365هـ, 9/11/1946ص4.

[17] - المصدر السابق العدد 166 السنة 1/25 ذو الحجة 1365هـ, 9/11/1946ص4.

[18] - المصدر السابق العدد 169 السنة1/29 ذو الحجة 1365هـ, 23/11/1946ص4.

([19]) مجلة الإخوان المسلمين – السنة الثالثة – العدد 65 – صـ20 – 1رمضان 1364هـ / 9أغسطس 1945م.

([20]) مجلة النذير الأسبوعية – السنة الثانية – العدد 33 – صـ3 – 25شعبان 1358هـ / 10أكتوبر 1939م.

([21]) مجلة التعارف الأسبوعية – السنة الخامسة – العدد 20 – صـ6 – 29جمادى الأولى 159هـ / 5يوليو 1940م.

[22] - الإخوان المسلمون اليومية العدد 170سنة 1/ 30ذو الحجة1365هـ, 24/11/ 1946ص2

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم