مقالات وبحوث

أفلام الكرتون.. ومخاطر تربوية

 

أصبحت مشاهدة الأطفال للتلفزيون منذ الصغر، وتحديدا لأفلام الكرتون أمرا شائعا وخطيرا، فبالرغم من الفوائد المكتسبة عند مشاهدتها كالتسلية، وتعلم بعض السلوكيات الجيدة أحيانا، إلا أن الأضرار الناتجة عن مشاهدتها طويلا، تفوق تلك الميزات كثيرا.

فالكرتون بمثابة البَريد الذي يستطيع أن يُقرِّبَ للطفل لذهن الطفل أشياء بعيدة، كالتفاحة وكأنها تتكلم وغيرها فالمعاني المجردة التي لا يمكن أن يتصورها الطفل يمكن أن نصورها له عبْر الكرتون، فرسوم الكرتون قد أعطتنا فسحة أكثر سعة من التصوير السينمائي وما جاء بعده من أجيال آلات التصوير.

وعلى الرغم من كونها مفيدة في كثير من الأحيان وفي بعضها إلا أن معظمها يحمل في طياتها الدمار لعقيدة وشخصية أطفالنا ومحاولة هدم الأخلاق والتقاليد والهوية الإسلامية والإنسانية.

وفي هذا المقال حاولت مي محمد إطلاق ومضات تحذيرية ضد هذا الشبح المخيف الذي غزا بيوتنا وشكل شخصية أبنائنا فخرجت أجيال لا تعرف حقيقة هويتها الإسلامية ولا مبادئها الأخلاقية، ولا تعرف انتماء لدين أو وطن في صورة أشبه بالتغريب الذي كان يحدث لطلابنا في القرن 19 حينما كانوا يفدون لاستكمال تعليمهم في أوروبا، ومن هذه المخاطر:

  • العقيدة والدين في أفلام الكرتون

مِن أول الضروريات التي يحرص الإسلام على حفظها، حفظ الدين، ولَمِن أول ما تلوّثه أفلام الكرتون هي العقيدة، فما بين أساطيرهم التي يملؤون بها عقول الأطفال، إلى ادِّعائهم تعدد الآلهة، مع انعدام أي أثر للمظاهر والشعائر الإسلامية، والصلاة لا تبرح كونها جلوسًا على الركبتين وتشبيكًا للأصابع، والدعاء يُتوجّه به لصنم أو لـ”الأم الطبيعة” أو “لحقيبة الأمنيات”، فتجد الطفل يتوه في عالم من المخاطر العقدية التي لا يستطيع الفِكاك من إشكالاتها، فيصارع الطفل بين ما يتلقاه من عالم أفلام الكرتون وبين ما يتلقاه من والديه وبيئته حول الدين والتوحيد والشعائر والأحكام والصيام والصلاة.

  • صراع الآلهة

تقوم أفلام الكرتون على فكرة تصارع الآلهة، أو تخصص الآلهة ليقوم كل إله بإدارة جزء من الكون، وهذه الآلهة -في نظرهم- تُجسَّم كأشخاص لهم بنية جسدية أكبر، أو نور في السماء، أو حتى أصنام، كالسنافر ويوغي يو ومات هاتر وغيرها.

  • الكريسماس والهالوين

ولا تكاد تخطئ الحِسّ الكنسي الغربي في أفلام الكرتون، وبخاصة في الاحتفالات. فغالبية -إن لم يكن كل- أفلام الكرتون لا تخلو من مشاهد وحلقات عن احتفالات عيد الميلاد، فيزين الأطفال شجرة عيد الميلاد وصوت أجراس الكنائس وبابا نويل، فأصبح أطفالنا ينتظرون رأس السنة الميلادية ليبحثوا عن الهدايا، ويريدون شجرة عيد الميلاد ويطلبون ملابس وقبعة بابا نويل. ومثله تمامًا يحدث في عيد الفصح، والهالوين وأزيائه التنكرية.

  • الأزياء والحجاب

وعن الأزياء والحجاب فحدث ولا حرج، إذ تُعدم تمامًا أية مشاهد لبطلات في أفلام الكرتون ترتدي حجابًا، بل جميعهن يرتدين ملابس غير لائقة لأن ترتديها مسلمة، حتى وإن غطت شعرها. ولا ألوم أفلام الكرتون على ذلك، فهم ينقلون ثقافتهم، لكنّ اللوم على من ينقل تلك الأفلام بثقافتها وسياقها الاجتماعي إلينا. فتكبر الفتاة وتجد بينها وبين الحجاب حاجزًا، ففي طفولتها تريد فستان سندريلا؛ فيُحقَّق لها طلبها ويثني الجميع على الفستان.

  • ترسيخ عقيدة السحر

ولا يكاد يخلو فيلم من أفلام الكرتون من نوع من السحر، سواء في ثوب ساحرات شريرات، أو في ثوب ساحرات طيبات، حيث حفلت مثل أفلام أميرات ديزني، وخلطات بابا سنفور وفتيات القوة وغيرها التي تعيد لهم الحياة والصحة وتعيد الأوضاع إلى طبيعتها.

  • المخاطر الأخلاقية

وعن المخاطر الأخلاقية والسلوكية في أفلام الكرتون وقنوات الأطفال، فالأمر لا بد وأنه مُلاحظ من قِبل الأهل، فجميع أفلام الكرتون تقوم على الصداقة بين فتاة وصبي، كعدنان ولينا، بل والعيش معًا، هذا ناهيك عن مشاهد العنف التي تغرس في الطفل روح الانتقام وطرقه المختلفة، بل أكثر من ذلك رؤيتهم للأبطال الخارقين الذين يقفزون ولا يموتون أو يصابون يدفعهم لتقليدهم.

ولا تتوقف المخاطر عند هذا الحد بل هناك المشاكل الصحية من ضعف البصر وتقوس العمود الفقري والسمنة وغيرها.

  • تعاون من أجل الإنقاذ

لابد أن يدرك الآباء والأمهات أن لأبنائهم حقوق لابد أن توفى لهم، فدور الوالد ليس توفير الطعام والشراب لهم فحسب، ولا دور الأم هو تجهيز طعامهم والقيام على خدمتهم، لكن هناك الجانب التربوي الذي يضع النقط فوق تساؤلاتهم الكثيرة حول دينهم وعقيدتهم، ولذا يجب أن يكون لدى الأطفال أسلوب حياة متوازن في كل ما يفعلون، ولا نتركهم لأفلام الكرتون تشكل شخصياتهم، بل نتابع تربيتهم وندفعهم لمعلمي القرآن والأنشطة الهادفة.

كذلك يجب على المجتمع تبني مشاريع إنتاج مواد كرتونية ذات جودة عالية، وبُعدٍ ديني وقيمي وأخلاقي، وفيها إبهار وتشويق وحبكة وتسلية وأخلاق.

إن الأطفال أمانة وضعها الله في أعناق آبائهم، وسيُسألون عنها أمام الله. وتركهم فريسة لقنوات الأطفال وأفلام الكرتون يؤدي إلى خلخلة أساسات البناء القيمي.

ويجب على الوالدين السعي الحثيث للبحث عن بدائل لأطفالهم تناسب أعمارهم، وقدراتهم ومهاراتهم، وضبط حياتهم واستغلال ساعات التصفح ووسائل التواصل الاجتماعي في الاستثمار في الأبناء، فما المانع من تعويد الأبناء على ممارسة الرياضات البدنية والذهنية والبرمجة وأساسيات العلوم والفنون وحفظ القرآن والسُنة، وتعليمهم أصول دينهم؟ فإما هذا، وإما أن نستيقظ وقد رعت الذئاب الغنم.


 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم