في ذكرى 25 يناير .. أين البعد التربوي للثورة؟!

تحل علينا هذه الأيام الذكرى الثامنة لثورة يناير وكل ثورات الربيع العربي التي لا شك أنها تركت أثرًا واضحًا على الخريطة العربية، تاركة وراءها ما يشبه آثار الزلزال، حيث الناس في العالم العربي منقسمون إلى فريقين: فريق يرى أن تلك الثورات تركت آثارًا إيجابية، رغم ما يبدو للعيان من قلاقل وتناحر وتفرق سياسي، وآخر يرى أن الثورات تركت آثارًا سلبية، لعل أخطرها ما آل إليه الحال من وضع الوجود العربي برمته على بركان من التوترات!

ونحن في هذا الملف لسنا بصدد التقييم السياسي لثورات الربيع العربي، إنما نريد أن نقول إن الطريق لم ينته بعد، وأن الثورات ليست حالة فوران وغضب ورفض في الميادين فقط، وإنما هي حالة عريضة، لها مقدمات ليست بالقصيرة، وكذلك لها امتدادات ليست بالقصيرة، تمتد في العمق البشرى امتدادًا يصعب قياسه ومعرفة حدوده في المدى الزمني القريب الذي نعيشه، مثلها في ذلك مثل كل التغيرات الجيوسياسية في عمر الحراك البشرى على المعمورة!

إن الثابت في التاريخ البشري أن هناك مجموعة من القواعد الأساسية المهمة لكي تعيش الثورات وتؤتي ثمارها، أهمها البعد الأخلاقي والتربوي وطريقة تعامل الثورة مع منظومة القيم السائدة داخل المجتمع وكيفية ترتيبها داخل ثقافة التغيير الجديدة.

وإن أي قارئ للتاريخ يعرف جيدًا أن الثورات التي لا تحكمها مبادئ تتحول إلى طوفان مدمر أو تسونامي غير راشد يأخذ في طريقه ما فسد وما صلح في بناء الأوطان، وربما المدى الذي أعقب الربيع العربي دون استكمال منجزات الربيع يتيح لنا الفرصة المواتية لصياغة تصورات تربوية وأخلاقية، لاستكمال حلقات الثورة التي لم تسعفها فوران الأحداث في استكمال جوانبها الإنسانية المهمة، والتي لا كمال لوجه الثورة الإصلاحي بدونها.

تعلمنا من الربيع العربي قيمًا إيجابية كثيرة، أهمها أنه لا نجاح لطيف سياسي دون الآخرين مهما كان حجم الاختلافات؛ لأن الوطن أكبر من أن يختصر في طيف واحد، وتعلمنا أيضًا أن الثورة تصور وعمل جمعي يحتاج إلى جهد من خارج الميدان كما يحتاج إلى جهد بالميدان، وأنه عمل أخلاقي وقيمي وتربوي يحتاج إلى تواصل وتلاحم بين الأجيال، فالكبير لديه ما يقدمه والشباب لديه ما يقدمه، والطفل لديه ما يقدمه، وأن اختلاف الأدوار لا يعني صناعة أفضليه لشريحة على شريحة، وهو ما ينافي احتياجات الثورة التي تحتاج إلى تكامل وتلاحم بين الأدوار المختلفة.

خلاصة القول إن الثورة لم تفشل، وإن الثورة لم تخرج من نطاق الفعل، ولكن يمكن القول بأن الثورة متعثرة بعض الشيء في استكمال باقي حلقاتها وأبعادها التي لم تكن في خاطر الثائرين، حيث إنها حقًا بحاجة إلى أن تستكمل حلقاتها الأخلاقية والتربوية ونظرتها المتكاملة نحو التغيير الشامل المرجو.

 

نقرأ في الملف:

 

 

.

اقراءة المزيد من مواضيع

متعلقة بالقسم